الأخلاق، جميل المجالسة، حسن الجملة، ضحوك السنّ، مقبول الشخص، من محاسن الزمان.
وجلس يوما بهراة عند الإمام فخر الدين الرازي، وهو يلقي الدرس، وإذا بحمامة قد أقبلت يتبعها جارح فسقطت في حجره واستترت بثيابه، وبقي الصقر محوّما عليها، فقال مرتجلا [الكامل]:
يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا ... في كلّ مسبغة وثلج خاشف (١)
العاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف
من نبّأ الورقاء أنّ حماكم ... حرم وأنّك ملجأ للخائف؟
وفدت عليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستأنف
ولو أنّها تحبى بمال لانثنت ... من راحتيك بتالد وبطارف
[١٦٤ ب] جاءت سليمان الزمان بشكوها ... والموت يلمع من جناحي خاطف
قرم لواه القوت حتّى ظلّه ... من تحته يسعى بقلب واجف
فأجرتها وحميتها ورددتها ... موفورة تحظى بعيش وارف
وتشنّفت بفرائد من لفظه ... وتشرّفت بملابس ومطارف
١٠ مولاي عين الله تكلأ مجدك ال ... عالي لقد جاوزت حدّ الواصف
وقال في الملوك الثلاثة، المعظّم والكامل والأشرف أولاد العادل [الكامل]:
إنّ الملوك من الإمام ثلاثة ... أولاد شاذي قدّسوا تقديسا
عيسى كعيسى منهم، ومحمّد ... كمحمّد، وأرى كموسى موسى
ولمّا قدم تاج الدين أبو الفتوح محمد بن عليّ بن ظافر ابن الكعكيّ المصريّ الكاتب إلى دمشق لم يلتفت إليه ابن عنين، وكان حينئذ وزير المعظّم عيسى فعمل فيه [المجتثّ]:
وزارة ابن عنين ... تكون أوّل نحسه
لم يترك الهجو حتى ... يحلّه بطن رمسه
لم يرض بالقول حتى ... هجا الملوك بنفسه
فلمّا بلغت ابن عنين كتب إلى الملك المعظّم يستقيل من الوزارة [الطويل]:
أقلني عثاري واتّخذها صنيعة ... يكون برحماها لك الله جازيا
كفى حزنا أن لست ترضى ولا أرى ... فتى راضيا عنّي ولا الله راضيا
ولا بدّ أن ألقى الردى من مصمّم ... وكيف يوقّى من تخطّى الأفاعيا؟
وكيف أرجّي بعد سبعين حجّة ... نجاة، وقد لاقيت فيها الدواهيا؟
فأعفاه.
وله يهجو القاضي الفاضل عبد الرحيم بن عليّ البيسانيّ [المتقارب]:
إذا كلبة ولدت سبعة ... فقف واستمع أيّها السائل
(١) ديوانه ص ٩٥، وخشف البرد: اشتدّ.