للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشهدت الله على أنفسها، وكفى بالله شهيدا».

فلمّا كتب هذا الكتاب، وحلفوا عليه، وأشهدوا على أنفسهم، أظهروا موت كافور وعزّوا به، وهو مسجّى في بيت. وكتب أبو الفضل الوزير لنفسه كتابا على الجماعة بمثل هذا احتياطا لنفسه.

واشتهرت وفاة كافور في بقيّة النهار، وأخذ كلّ قائد ورئيس حذره وتحرّز. فأجاب الجماعة إلى البيعة، إلّا طائفة، فإنّها امتنعت وقالت: أمر الأستاذ قبل موته ألّا نبايع إلّا أبا الحسن شمول.

فقال شمول: «أنا لا أريد هذا». فدخلوا حينئذ في الطاعة.

فلمّا كان من الغد خرج الغلمان والجند إلى ال [م] نظر وخرّبوا بستان كافور ونهبوا [١١٥ ب] دوابّه وطلبوا مال البيعة. فخرج إليهم الشريف أبو جعفر مسلّم وسكّنهم ووعدهم وردّهم. وكان الناس يظنّون أنّ الفتنة تكون بعد موت كافور عظيمة، فما كان إلّا هدوء وسكون.

وفي يوم الجمعة خطب عبد السميع بن عمر العبّاسيّ ودعا لأبي الفوارس. وخطب أخوه عبد العزيز بن عمر في جامع أحمد بن طولون فمنع الجند من الدعاء له فلم يدع ونزل وصلّى بالناس الجمعة.

وفي مستهلّ جمادى الآخرة نهبت خزانة كافور، ثمّ بيع ميراثه بزقاق القناديل. وكان الوزير أبو الفضل ساعة عقدت البيعة لأبي الفوارس، قد كتب إلى عبد الله بن طغج بالرملة، على عقد البيعة. فلمّا ورد الكتاب آل الأمر بينهما إلى حرب. وفرّ جماعة من الأتراك بمصر فردّوا، وقبض الوزير ابن الفرات على جماعة من الكتّاب وغيرهم، واعتقلهم، وأخذ البيعة على الجند لابنه أحمد بن جعفر بالإمارة على مصر والشام والحرمين، واحتجّ بأنّه ابن بنت الإخشيد.

واختلف مع شمول فشغب الجند في آخر شعبان. واقتتل نحرير شويزان مع فنك الخادم الأسود (١) وقتل بينهما خلق كثير، ونهبت عدّة أسواق كبيرة في الليل واحترقت مواضع عديدة فسار فنك إلى الرملة ولحق بالحسن بن عبيد الله.

فورد الخبر بمحاربة الحسن بن عبيد الله مع عبد الله بن عبيد الله أخي مسلم الحسينيّ، وأنّ بني عقيل وإقبالا (٢) والعرب بالرملة مع عبد الله، وأنّه دعا لنفسه وتسمّى بالمهديّ.

فخرج تبر الإخشيديّ إلى الرملة، وعقد الحسن على ابنة عمّه الإخشيد، ودعي له على سائر المنابر بعد أحمد بن علي الإخشيد، فزاد اضطراب الناس والفتن في شوّال. واستتر ابن الفرات، وفرّ يعقوب بن كلّس إلى المغرب فلحق بالمعزّ، وتبعه عبيد الله بن الحسين بن طاهر الحسينيّ.

ثمّ اجتمعت الإخشيديّة مع الكافورية عند الشريف أبي جعفر مسلّم بن عبيد الله للمشورة فيما هم فيه من تعطّل البلد عن ناظر لاستتار ابن الفرات، وما نزل بالناس من الاختلاف والفتن، وافترقوا.

ثمّ جمع أبو جعفر مسلّم القوّاد والوجوه في داره يوم الجمعة لستّ خلون من ذي القعدة وأخرج إليهم الوزير ابن الفرات من الاستتار، وعقد عليهمالوفاء له، وكتب بذلك كتابا. فخرج وأمر ونهى، وكانت الأموال قد ضاعت، والنيّات قد تغيّرت، وجماعة قد فرّوا إلى الرملة يضرّبون (٣)


(١) هو فنك بن عبد الله الكافوري الخادم، (أمراء دمشق، ٦٦ رقم ٢٠٨ وتحفة ذوي الألباب للصفدي ١/ ٣٦٨).
(٢) إقبال: غلام جعفر بن فلاح وأمير دمشق إلى آخر سنة ٣٥٩ (تحفة ذوي الألباب ١/ ٣٧٠).
(٣) ضرّب على فلان، بالتشديد: حرّض عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>