للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العشر أو الثاني (١).

فقلت: في هذا الوقت؟

قال: بل يفعل الله ما يشاء.

قلت: الصحبة!

قال: إن أحببت ذلك- حتى إذا كان الليل، قال لي: قم!

فلبست ما يصلح للسفر، وأخذ بيدي وخرجنا من بلخ. فمررنا بقرية لنا فلقيني رجل من الفلّاحين، فأوصيته ببعض ما أحتاج إليه، فقدّم إلينا خبزا وبيضا، وسألنا أن نأكل فأكلنا. وجاءنا بماء فشربنا.

ثم قال لي: باسم الله، قم!

وأخذ بيدي، فجعلنا نسير، وأنا انظر إلى الأرض تجذب من تحتنا كأنّها الموج. فمررنا بمدينة بعد مدينة، وهو يقول: «هذه مدينة كذا، هذه مدينة كذا، هذه الكوفة». ثم إنّه قال:

الموعد ههنا في مكانك هذا في هذا الوقت- يعني من الليل. حتى إذا كان الوقت، إذا به قد أقبل، فأخذ بيدي وقال: باسم الله. (قال) فجعل يقول: هذا منزل كذا، هذا منزل كذا، هذه فيد، وهذه المدينة- وأنا انظر إلى الأرض تجذب من تحتنا كأنّها الموج. فصرنا إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم فزرناه. ثمّ فارقني وقال: الموعد في الوقت في الليل في المصلّى- حتى إذا كان الوقت خرجت فإذا به في المصلّى. فأخذ بيدي ففعل كفعله في الأولى والثانية، حتى أتينا مكّة في الليل. ففارقني. فقبضت على يده وقلت: الصحبة!

فقال: إنّي أريد الشام.

فقلت: أنا معك.

فقال لي: إذا انقضى الحجّ، فالموعد ههنا عند زمزم- حتى إذا انقضى الحجّ، فإذا به عند زمزم.

فأخذ بيدي فطفنا بالبيت. ثمّ خرجنا من مكّة.

ففعل كفعله الأوّل والثاني والثالث، فإذا نحن ببيت المقدس. فلمّا دخل المسجد قال لي: عليك السلام، أنا على المقام إن شاء الله ههنا.

ثم فارقني. فما رأيته بعد ذلك، ولا عرّفني اسمه. فرجعت إلى بلدي، فجعلت أسير سير الضعفاء منزلا منزلا حتى رجعت إلى بلخ.

وكان ذلك أوّل أمري.

وفي رواية أحمد بن عبد الله قال: كان إبراهيم من أهل النعم بخراسان. فبينا هو مشرف ذات يوم من قصره إذ نظر إلى رجل بيده رغيف يأكله في فيء القصر. فاعتبر، وجعل ينظر إليه حتّى أكل الرغيف. ثم شرب ماء، ثم نام في فيء القصر.

فألهم الله إبراهيم بن أدهم الفكر فيه. فوكّل به بعض غلمانه وقال له: إذا قام هذا من نومه، [ف] جئني به! .

فلمّا قام الرجل من نومه، قال له الغلام:

صاحب هذا القصر يريد أن يكلّمك.

فدخل إليه مع الغلام. فقال له إبراهيم: أيّها الرجل، أكلت الرغيف وأنت جائع؟

قال: نعم.

قال: فشبعت؟

قال: نعم.

قال: وشربت الماء تلك الشربة، ورويت؟

قال: نعم.

قال: ونمت طيّبا بلا شغل ولا همّ؟

قال: نعم.

(قال إبراهيم) فما أصنع أنا بالدنيا، والنفس


(١) أي من أيّام الحجّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>