للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظهر. وباشر الحكم واستقرّ ساكنا بها، فعدّت هذه الواقعة من الفرج بعد الشدّة.

ثمّ إنّه كتب إلى السلطان يدعو له فيه، ويعتذر ممّا رمي به. فورد الكتاب بقبول عذره وشكره.

ولم يزل على قضاء دمشق إلى أن صرف عنها في ثاني عشرين المحرّم سنة تسع وسبعين وستّمائة بعزّ الدين محمّد بن الصائغ. واستمرّ مصروفا.

وليس بيده سوى الأمينيّة، وبيد ابنه كمال الدين موسى تدريس النجيبيّة، إلى أن مات بدمشق في آخر يوم السبت سادس عشرين شهر رجب الفرد سنة إحدى وثمانين وستّمائة.

وكان عالما، أديبا بارعا، مؤرّخا جامعا، له شعر فائق، ونثر رائق، وكان يحبّ الأدب وأهله.

وله عدّة مصنّفات، منها:

كتاب وفيات الأعيان، وقد بلغ من الشهرة مبلغا لا مزيد عليه. ويوجد منه ثلاث نسخ، كبرى ووسطى وصغرى. فالوسطى أكثر وجودا من الآخرين.

وله تذكرة مفيدة جدا.

وكان كثير المداراة، محبّا للرفق، طاهر المجلس، لا يغتاب أحدا ولا يمكّن غيره من الغيبة عنده، مع سماحة النفس وكرم الطباع.

ويقال إنّه جمع شعره في ديوان [١٣٢ أ] [ومن شعره- البسيط]:

كأنّني يوم بان الحيّ عن إضم ... والقلب من سطوات البين مذعور

ورقاء ظلّت لفقد الحبّ نائحة ... تبكي عليه اشتياقا، وهو مأسور

وقال [الكامل]:

أحبابنا بالغور طال فراقكم ... وتنكّرت لمحبّكم أيّامه

منّوا على جفن القريح بهجعة ... فعسى تميلكم له أحلامه

وقال [الطويل]:

أمثّلكم والبعد بيني وبينكم ... فخيّل لي أنّ الفؤاد لكم مغنى

وناجاكم قلبي على بعد نأيكم ... فآنستم لفظا وأوحشتم معنى

وكتب إلى السراج عمر بن محمد الورّاق (١) لغزا في دودة [الخفيف]:

يا أديبا محزّرا ... للقوافي ورصفها

قد رأيناك حاذقا ... في الأحاجي وكشفها

قل لنا: ما ضعيفة ... قد تقوّت بضعفها

كلّ حيّ وميّت ... مسّه فرط عسفها

وإذا رمت وصفها ... بالأذى لم توفها

أيّ شيء وصفتها ... كان من دون وصفها

واسمها فيه نكتة ... لا يرى مثل لطفها

عربيّ تخاله ال ... عجم يقرا بحرفها

إن ترد حلّ رمزها ... نصفها خمس نصفها

مفردات حروفها ... في مجاميع صحفها


(١) السراج الورّاق (ت ٦٩٥) عمر بن محمد بن الحسن:
فوات ٣/ ١٤٠ (٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>