للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العزيز بالله] نزار، ابن الإمام أمير المؤمنين المعزّ لدين الله أبي تميم، ابن الإمام أمير المؤمنين أبي الطاهر المنصور بنصر الله [إسماعيل]، ابن الإمام أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبي القاسم [محمد]، ابن الإمام أمير المؤمنين المهديّ أبي محمد.

ولد في ثامن المحرّم- وقيل: في عشرين المحرّم- سنة ثمان وستّين وأربعمائة، وبويع بالخلافة بعد موت أبيه في يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

وذلك أنّ الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ، سلطان مصر، لمّا بلغه موت المستنصر، بدر إلى القصر وأجلسه ولقّبه بالمستعلي بالله. واستدعى إخوته، الأمير نزارا، وإسماعيل، وعبد الله، ليبايعوه، فأنفوا من ذلك لصغر سنّه. فقال لهم الأفضل: قبّلوا الأرض لله تعالى ولمولاناالإمام المستعلي بالله وبايعوه، فهو الذي نصّ عليه مولانا الإمام المستنصر قبل وفاته، بالخلافة من بعده.

فامتنعوا وادّعى كلّ منهم أنّ أباه وعده بالخلافة. وقال نزار: لو قطّعت ما بايعت من هو أصغر سنّا منّي، وخطّ والدي عندي بأنّي وليّ عهده، وأنا أحضره.

وخرج مسرعا ليأتي بالخطّ، فمضى من حيث لم يشعر به أحد إلى الإسكندرية، كما هو مذكور في ترجمته (١).

ويقال: إنّ الأفضل قرّر مع أخت المستنصر أن تقول بأنّ المستنصر نصّ في مرضه على خلافة ابنه أبي القاسم. ووعدها بأن تكفله ويكون الأمر لها في الباطن، وللأفضل في الظاهر [١٤٣ أ]، فأجابت

إلى ذلك، وشهد عليها أربعة من الأستاذين المحنّكين عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن يوسف ابن الكحّال فأثبت الخلافة للمستعلي وبايعه قاضي القضاة وداعي الدعاة.

وأجلسه على سرير الخلافة وأخذ البيعة له على مقدّمي الدولة ورؤسائها وأعيانها. ثمّ مضى الطلب إلى إسماعيل وعبد الله، وهما في المسجد قد وكّل بهما، فقال لهما: إنّ البيعة تمّت لمولانا المستعلي بالله، وهو يقرئكما السّلام ويقول لكما:

تبايعاني أم لا؟

فقالا: السمع والطاعة! إنّ الله اختاره علينا.

[٣٢ ب] وقاما وبايعاه. وكتب بذلك سجلّا، قرأه على رءوس الأشهاد من الأمراء وغيرهم الشريف سناء الملك محمد بن محمد بن الحسينيّ الكاتب بديوان الإنشاء.

وقال الأديب حظيّ الدولة أبو المناقب عبد الباقي بن عليّ التنوخيّ في ذلك [الكامل]:

إن كان قد أودى معدّ فانظروا ال ... مستعلي العالي ابنه وتبصّروا

تجدوا الإمام أبا تميم نيّرا ... ما غاب حتّى لاح منه نيّر

وكذا الإمامة كالحديقة لم يزل ... غصن بها يذوي وغصن يثمر (٢)

وأقام المستعلي في الخلافة، ليس له مع الأفضل أمر ولا نهي، إنّما يخطب له على المنابر وينقش اسمه على السّكّة، وسائر الأمور مرجعها إلى الأفضل.

وفي خلافته خرج الفرنج من القسطنطينيّة، وملكوا كثيرا من بلاد الساحل، واستولوا على القدس


(١) تراجم النون مفقودة.
(٢) الخريدة (مصر) ٢/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>