للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمحمّد المأمون، يا أولى الورى ... بسعادة وأحقّهم بثناء

أحسنت ثمّ مدحت فاستحسنت وال ... إحسان فرض [ ... ] العقلاء

لله في هذا الأنام لطائف ... تأتي مع الإصباح والإمساء

يا ليت شعري أيّ برّ أسلفوا ... فجزوا عليه فكنت خير جزاء

وإذا أراد الله رحمة خلقه ... ألقى أمورهم إلى الرّحماء

وهي طويلة.

وذكر رشيد بن الزبير في «جنان الجنان»، قال:

كان الحافظ الخليفة تقدّم أمره إلى الشعراء أن يختصروا في الإنشاد في الأعياد. فكتب إليه أحمد بن المفرّج يقول [البسيط]:

أمرتنا أن نصوغ المدح مختصرا ... ألا أمرت ندى كفّيك يختصر؟

والله لا بدّ أن تجري سوابقنا ... حتى يبين لها في مدحك الأثر (١)

فأذن لهم أن يعودوا إلى ما كانوا عليه.

ولأحمد هذا خطبة عاطل في المأمون وهي:

الحمد لله الواحد لا كالآحاد، والأوّل لا كحصر الأعداد، أهل الحمد والكرم، وعالم أسرار الأمم. سلك علمه صدور العلماء، وملك حكمه أملاك السماء، وأمّ الأمور وعلم حلّها، وأعلم الأمم حرامها وحلّها، وعلّم آدم الأسماء كلّها، لا حصر لأمده ولا حلّ لأمره ولا ردّ، وهو الله لا إله إلّا هو له الحمد. وسع حلمه، وأحاط علمه، وعمّ طوله، وسما اسمه. أرسل محمّدا، ومصادح الإلحاد مصرّحة، ومسارح العدل

مصوّحة (٢)، والأهواء ملوّحة، والسّوءاء مطوّحة، وأوسعه علما، [و] أروح (٣) للأمّة معالم السلامة، وآلاها (٤) مسالك الوصول لدار الرحمة والكرامة، وحماه ممّا وصمه [به] أولو الإصرار، وهداه لأسعد ورد وإصدار، ودعاه لأصلح الأعمال، وأعطاه مواسم الإحرام والإحلال. فلمّا دارك الأمم ورحمها، ملّكه مكّة وحرمها، حرما وطّد سمكه الودود الأوّاه، وأوّل أوّلا آدم أسس الإسلام وسمّاه (٥)، وأهّل ولده لما أمره الإله. ولمّا آلم أملاك السماء ما آلمه، رحمه الله وسلّمه. وصار للأمم موسما واسما، ومسلكا معلوما ورسما. ودعا الله الأمم لعمارة حرمه وسلوك مسعاه، ورسم لهم الدّور حوله عددا والاه، وإكمال العدد والدعاء والعمر لله، حرم سعده عامّ كلّ عام، ومحلّه مؤكّد السلم لأهل الإسلام، وموسم عصمه لكلّ ساع وآمّ، وموعد الأمم لحطّ أحمالها، ومحلّ لأعمال الكرم وإرسالها، ومعرس الآمال، ومرصد الإعداد للمآل، ومورد الهمم السارحة، ومعهد الأعمال الصالحة، وإرسال الدموع، والدعاء المسموع، ومحو رسوم اللهو وطرح اللمم، كطرح الأسمال وحسّ اللمم (٦)، وردع أهواء آدى الكواهل رسمها وآلم الأحلام مسّها، حرم أمّه كلّ عاص لحطّ إصره، ومعلم أعدّه كلّ ساع لصلاح أمره، ومرام وصل واصله لمراده [١٤٤ أ]، ومصام (٧) أحمد المصعد له ساعة إصعاده. وأسأل الله الوصول له،


(١) أخبار مصر لابن ميسّر ٨٥.
(٢) مصوّحة: يابسة قاحلة.
(٣) أروح كأراح: بيّن فأظهر، والمادّة في اللسان والتاج غزيرة.
(٤) آلاها المسالك: هداها إليها، رغم بعد المادّة هنا عن الآلاء:
النعم.
(٥) لم نفهم هذه الجملة.
(٦) حسّ اللمم نحلاقها. أمّا اللمم الأولى فلم نتبيّن معناها.
(٧) المصام: الموقف والمرتقى، ويعني به عرفات، وقد أكثر من التلميح إلى منسك الحجّ في هذه الخطبة العويصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>