للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا المرء أفشى سرّه بلسانه ... ولام عليه غيره فهو أحمق

إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه ... فصدر الذي استودعته السرّ أضيق

وكتب إلى المأمون في يوم مهرجان وقد بعث إليه بهديّة [الطويل]:

على العبد حقّ فهو لا بدّ فاعله ... وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ما له ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدى للمليك بقدره ... لقصّر فضل المال عنه وسائله (١)

ولكنّنا نهدي إلى من نجلّه ... وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله

وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصوليّ عن أبي الحارث النوفليّ، قال: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه. فلمّا مات ابنه الحسن قلت على لسان ابن بسّام [مخلّع]:

قل لأبي القاسم المرجّى ... قابلك الدهر بالعجائب

مات لك ابن وكان زينا ... وعاش ذو الشين والمعايب

حياة هذا كموت هذا ... فليس تخلو من المصائب

قال الصوليّ: وإنّما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب لبعض إخوانه من الكتّاب، وقد ماتت له ببّغاء، وكان له أخ يضعّف، فكتب إليه [الخفيف]:

أنت تبقى ونحن طرّا فداك ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا

فلقد جلّ خطب دهر أتانا ... بمقادير أتلفت ببّغاكا

عجبا للمنون كيف أتتها ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا

كان عبد الحميد أصلح للمو ... ت من الببّغا وأولى بذاكا

شملتنا المصيبتان جميعا ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا

(قال) وإنّما أخذه أحمد بن يوسف من قول أبي نواس لمّا مات الرشيد وقام الأمين، يعزّي الفضل بن الربيع وزاد في المعنى [الطويل]:

تعزّ أبا العبّاس عن خير هالك ... بأكرم حيّ كان أو هو كائن

حوادث أيّام تدور صروفها ... لهنّ مساو مرّة ومحاسن

وفى الحيّ بالميت الذي غيّب الثرى ... فلا أنت مغبون ولا الموت غابن (٢)

وجاء أبو العتاهية يريد الدخول على أحمد بن يوسف فمنعه الحاجب فقال، وكتب بها إليه [الطويل]:

ألم تر أنّ الفقر يرجى له الغنى ... وأنّ الغنى يخشى عليه من الفقر

فوجّه إليه بخمسة آلاف درهم. فبلغ ذلك عليّ بن جبلة فقال: بئس ما صنع أبو العتاهية! كان ينبغي أن يقول له:

أأحمد إنّ الفقر يرجى له الغنى فيسير باسمه.

ولمّا مات أحمد بن يوسف قالت فيه نسيم مغنّيته ترثيه [الطويل]:

ولو أنّ ميتا هابه الموت قبله ... لما جاءه المقدور وهو هيوب


(١) البيت مضطرب، والإصلاح من الوافي ٨/ ٢٨١.
(٢) ديوان أبي نواس ٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>