للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فو الله لقد دخل قلبي من ذلك أمر شككت فيما نحن فيه حتى هممت بترك ذلك. ولقد هممت أن آمر بالنداء في ذلك وأكفّ الناس [بعضهم عن بعض] فبدأ ابن أبي دؤاد فقال: الله الله يا أمير المؤمنين أن تميت سنة قد أحييتها وأن تبدّل دينا ق [د أقمته] وقد جهد الأسلاف فما بلغوا فيه ما بلغت، فجزاك الله عن الإسلام والدين خير ما جزى وليّا عن أوليا [ ... ] رءوسهم ساعة يتفكّرون في ذلك إذ بدأ ابن أبي دؤاد فقال: والله يا أمير المؤمنين إنّ هذا القول الذي نحن عليه [لهو الدين] الذي ارتضاه الله لأوليائه ورسله وبعث به نبيّه محمّدا صلّى الله عليه وسلم ولكنّ الناس عموا عن قبوله. فقال الواثق إنّي أريد أن تباهلوني على ذلك:

فقال ابن أبي دواد عن نفسه: ضربه الله بالفالج في دار الدنيا قبل الآخرة إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق.

وقال محمد بن عبد الملك الزيّات، وهو:

فسمر الله يديه بمسامير من حديد في دار الدنيا قبل الآخرة إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق.

وقال إسحاق بن إبراهيم، وهو: فأنتن الله ريحه في دار الدنيا قبل الآخرة حتى يهرب منه قريب وحميم، إنّ لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق.

وقال نجاح، وهو: فقتله الله في أضيق محبس إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق. ودخل عليهم إيتاخ (١) وهم في ذلك فأخذوه على البديهة وسألوه عن ذلك فقال، وهو: فغرّقه الله في البحر إن لم يكن ما يقول أمير

المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق.

فثبت الواثق على ما كان عليه من موافقتهم وقال عند ذلك عن نفسه، وهو: فأحرق الله بدنه بالنار في دار الدنيا قبل الآخرة إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقّا من أنّ القرآن مخلوق.

قال الخليفة المتوكّل على الله: فأنا أضحك من أجل أنّه لم يدع أحد منهم على نفسه بدعوة إلّا استجيبت فيه:

أمّا ابن أبي دواد فقد رأيتم ما ضربه الله به من الفالج.

وأمّا ابن الزيّات فأنا أقعدته في تنّور من حديد وسمّرت يديه بمسامير من حديد.

وأمّا إسحاق بن إبراهيم فإنّه مرض مرضه الذي مات فيه فأقبل يعرق عرقا منتنا حتى هرب منه الحميم والقريب، وكان يلقى عليه كلّ يوم عشرون غلالة فتؤخذ منه وهي مثل الجيفة فيرمى بها لا ينتفع بها فتقطّع من شدّة النتن والعرق.

وأمّا نجاح فأنا بنيت عليه بيتا ذراعا في ذراعين حتى مات فيه.

وأمّا إيتاخ فأنا كتبت إلى إسحاق بن إبراهيم فكبّله بالحديد وغرّقه.

وأمّا الواثق فإنّه كان يحبّ كثرة الجماع فوجّه يوما إلى ميخائيل الطبيب، فلمّا حضر قال: ابغني دواء للباءة! فقال: يا أمير المؤمنين، بدنك! فلا تهدّه، فإنّ كثرة الجماع تهدّ البدن، ولا سيّما إذا تكلّف الرجل ذلك، فاتّق الله في بدنك فليس لك منه عوض. ثمّ أحضر وصيفة ذكر من جمالها وهيئتها أمرّا عظيما فقال: من يصبر عن مثل هذه؟

قال: فإن كان ولا بدّ فأمر بلحم سبع أن يؤخذ لك منه رطل فيغلى سبع غليات بخلّ خمر عتيق، فإذا جلست على شربك أمرت أن بوزن لك منه


(١) إيتاخ حاجب المتوكّل قتله سنة ٢٣٥. وفي المخطوط:
تياج. الكامل ٧/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>