للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والله ما نصحوا فيما استشرتهم ... وكلّهم ذو هوّى في الرأي متّهم

كم حرّفوا من مقال في سفارتهم ... وكم سعوا بفساد ضلّ سعيهم!

أين الحميّة والنفس الأبيّة إذ ... ساموك خطّة خسف عارها يصم [١٧٣ ب]

هلّا أنفت حياء أو محافظة ... من فعل ما أنكرته العرب والعجم؟

أسلمتنا وسيوف الهند مغمدة ... ولم يرو سنان السمهريّ دم

وكنت أحسب من والاك في حرم ... لا يعتريه به شيب ولا هرم

وأنّ جاركم جار السموأل لا ... يخشى الأعادي ولا تغتاله النقم (١)

وما طمان بأولى من أسامة بال ... - وفاء لكن جرى بالكائن القلم (٢)

هبنا جنينا ذنوبا لا يكفّرها ... عذر، فماذا جنى الأطفال والحرم؟

ألقيتهم في يد الإفرنج مبتغيا ... رضى عدى يسخط الرحمن فعلهم

هم الأعادي وقاك الله شرّهم ... وهم بزعمهم الأعوان والخدم

إذا نهضت إلى مجد تؤثّله ... تقاعدوا، فإذا شيّدته هدموا

وإن عرتك من الأيّام نائبة ... فكلّهم للّذي يبكيك مبتسم

حتّى إذا ما انجلت عنهم غيابتها ... بحدّ عزمك وهو الصارم الخذم

رشفت آجن عيش كلّه كدر ... ووردهم من نداك السلسل الشبم

وإن أتاهم بقول عنك مختلق ... واش فذاك الذي يحبى ويحترم

وكلّ من ملت عنه قرّبوه، ومن ... والاك فهو الذي يقصى ويهتضم

بغيا وكفرا لما أوليت من منن ... وموقع البغي لولا جهلهم وخم

جرّبهم مثل تجريبي لتخبرهم ... فللرجال إذا ما جرّبوا قيم

هل فيهم رجل يغني غناي إذا ... جلّى الحوادث حدّ السيف والقلم

أم فيهم من له في الخطب ضاق به ... ذرع الرجال يد يسطو بها وفم؟

لكنّ رأيك أدناهم وأبعدني ... فليت أنّا بقدر الحبّ نقتسم

وما سخطت بعادي إذ رضيت به ... ولا لجرح إذا أرضاكم ألم

ولست آسى على الترحال من بلد ... شهب البزاة سواء فيه والرخم

تعلّقت بحبال الشمس من كبدي ... ثمّ انثنت وهي صفر ملؤها ندم

لكن فراقك آساني وآسفني ... ففي الجوانح نار منه تضطرم

فاسلم فما عشت لي فالدهر طوع يدي ... وكلّ ما نالني من بؤسه نعم

فلمّا وقف عليها معين الدين ألزم الأديب أبا الثناء محمود بن نعمة بن رسلان


(١) في الخريدة ١/ ٥٨٦: وأنّ جارك جار للسموأل. وكذلك في معجم الأدباء ٥/ ٢١٢. وفي المخطوط: جارك.
(٢) طمان مملوك تركيّ حماه أنز وقرّبه (تعليق المرحوم شكري فيصل ناشر الخريدة ١/ ٥٣٦ هامش ١). وفي هامش صفحتنا هذا التعليق: طمان خادم تركيّ لأتابك زنكي بن أقسنقر فرّ منه إلى دمشق فاشتمل عليه معين الدين ولجّ أتابك في طلبه فبعثه إلى العرب وأقام له بما يحتاجه إلى أن ردّه إلى دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>