للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وله عدّة مصنّفات، منها كتاب «تلقين اليقين»، فيه كلام على قوله صلّى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس.

وكتاب حجّة الحقّ على الخلق، في التحذير من سوء عاقبة الظلم، وهو كبير. وكان السلطان صلاح الدين يكثر النظر فيه. وقال عنه القاضي الفاضل: وقفت من الكتب على ما لا تحصى عدّته، فما رأيت والله كتابا يكون قبالة باب منه، وإنّه من أهمّ ما طالعه الملوك.

وله أيضا كتاب «قوانين الدواوين» (١) صنعه للملك العزيز عثمان ابن صلاح الدين، ذكر فيه ما يتعلّق بدواوين مصر، ورسومها، وأحوالها وما يجري فيها. وهو أربعة أجزاء ضخمة، والذي يقع في أيدي الناس الآن جزء واحد اختصره منه غير المصنّف. فإنّ ابن ممّاتي ضمّنه ذكر أربعة آلاف قرية من أعمال مصر ومساحة كلّ قرية وقانون ريّها ومتحصّلها من عين وغلّة. ولمّا قدّمه للعزيز أنعم عليه بخمسمائة دينار حملت إليه.

وله أيضا كتاب سيرة السلطان صلاح الدين، نظما، وكتاب نظم كليلة ودمنة. وله عدّة رسائل وديوان شعر.

ولم يزل بديار مصر إلى أن ولي الوزارة الصاحب صفيّ الدين عبد الله بن عليّ بن شكر الدميريّ للملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيّوب، فخافه لما كان منه في حقّه قبل ذلك من الإهانة. وأخذ الوزير في العمل عليه، ورتّب مؤامرات أحال بها الأجناد عليه، ثمّ قبضه في جمادى الآخرة سنة اثنتين وستّمائة وعلّقه برجليه.

ففرّ من القاهرة وسار إلى حلب، فأكرمه الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين فاستخدمه.

واستقرّ بحلب إلى أن مات بها في يوم الأحد

سلخ جمادى الأولى سنة ستّ وستّمائة عن اثنتين وستّين سنة.

قال فيه العماد الكاتب: ذو الفضل الجليّ والشعر العليّ. ومن شعره يصف الخليج يوم فتحه بمصر [الوافر]:

خليج كالحسام له صقال ... ولكن فيه للرّائي مسرّة [١٨١ أ]

رأيت به الصغار تجيد عوما ... كأنّهم نجوم في المجرّة

وله في [غلام] نحويّ [السريع]:

وأهيف أحدث لي نحوه ... تعجّبا يعرب عن ظرفه

[١٥٣ ب] علامة التأنيث في لفظه ... وأحرف العلّة في طرفه

وقال يصف البقّ [الطويل]:

تكاد بقرص البقّ تتلف مهجتي ... إذا لم أجد من ثوب جلدي تخلّصا

ومن أعجب الأشياء في البقّ أنّه ... على الجسم سمّاق وتنبت حمّصا (٢)

وله [وافر]:

تعاتبني وتنهى عن أمور ... سبيل الناس أن ينهوك عنها

أتقدر أن تكون كمثل عيني ... وحقّك ما عليّ أضرّ منها

وله في أترجّة كانت بين يدي القاضي الفاضل، وهو معنى بديع [السريع]:

لله بل للحسن أترجّة ... تذكّر الناس بأمر النّعيم


(١) نشره عزيز سريال عطيّة، القاهرة ١٩٤٣.
(٢) السّماق Sumac نبت يتّخذ بزره تابلا. ولم نفهم المقابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>