للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأفضل، ابن المظفر، ابن المنصور ابن المظفّر، تقي الدين ابن شاهنشاه ابن نجم الدين والد الملوك.

كان من جملة أمراء دمشق. فلمّا توجّه الملك الناصر محمّد بن قلاوون إلى الكرك خدمه خدمة زائدة. فلمّا عاد إلى ملك مصر مرّة ثالثة بعد فرار الملك المظفّر بيبرس رعى له حقّ الخدمة.

واتّفق قدوم الأمير مهنّا أمير عرب الشام على السلطان فسأله في أشياء، منها ولاية عماد الدين حماة [١٨٤ أ]. فأجاب سؤاله وولّاه حماة عوضا عن أسندمر كرجي (١). فسار من دمشق في جمادى الآخرة سنة عشر وسبعمائة، فلم يسلّمه أسندمر حماة. فأقام بين حماة وحمص، وكتب يخبر السلطان.

فاتّفق موت الأمير قبجق نائب حلب، فنقل أسندمر إلى نيابة حلب، وتسلّم عماد الدين حماة، وجعله السلطان صاحبها، ولقّبه «بالملك الصالح» مدّة. ثمّ إنّه لقّبه ب «الملك المؤيّد» وحكّمه في حماه يفعل فيها ما يختار من إقطاع وولاية من غير مراجعة، وأذن له أن يخطب له بحماه وأعمالها، على ما كان عليه الملك المنصور (٢)، فلم يزل على ذلك.

وقدم إلى مصر في تاسع عشر جمادى الأولى سنة ستّ عشرة فأنزل بمناظر الكبش، وأجري له من الرواتب ما يليق به. فحمل تقدمته من الغد، ولقي السلطان فبالغ في تكرمته، إلى أن سافر إلى بلده في تاسع عشرين جمادى الآخرة.

ثمّ قدم في شوّال سنة تسع عشرة، وتوجّه مع السلطان للحجّ. فلمّا عاد عظم في عين السلطان

لما رآه من آدابه وفضائله وعلومه.

وأركبه في يوم الخميس سابع عشرين المحرّم سنة عشرين وسبعمائة بشعار السلطنة من المدرسة المنصوريّة بين القصرين. وسار عنها، والأمير قجليس السلاحدار حامل وراءه السلاح، والأمير الجاي الدوادار حامل الدواة، والأمير بيبرس الأحمدي أمير جاندار، والأمير جمال الدين أمير حلب (٣) والغاشية والعصائب (٤)، وجميع دست السلطنة، وجميعهم بالخلع والتشاريف، إلى أن خرج من القاهرة، وصعد قلعة الجبل، وقبّل الأرض، وجلس في الخدمة رأس الميمنة. ولقّبه السلطان يومئذ بالملك المؤيّد. وسار من يومه، وفي خدمته كريم الدين ناظر الخاصّ، إلى قبّة النصر خارج القاهرة، حتّى رتّب له كلّ ما يحتاج إليه في السفر [١٥٧ ب]. فكانت الخلع والتشاريف على من كان معه في هذا اليوم من أهل الدولة مائة وثلاثين تشريفا، منها ثلاثة عشر أطلس، وباقيها ما بين طرد وحش وكنجي (٥) وعمل الدار.

وقدم أيضا في سنة ثنتي وعشرين بهداياه وتحفه على العادة. وتوجّه مع السلطان إلى بلاد الصعيد، حتى قارب قوص.

وعاد أوّل المحرّم سنة ثلاث وعشرين، فخلع عليه، وعاد إلى حماة.

فلم يزل بها حتى مات يوم [ ... ] سابع عشرين المحرّم سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وهو في سنّ الكهولة، فأخفي موته يومين، حتى بعثت أمّ


(١) أسندمر كرجي: له ترجمة في المقفّى، ٢/ ١٨٦ (٧٨٨).
(٢) في المنهل: على ما كان عليه سلفه من ملوك حماة.
(٣) حلب: قراءة ظنّيّة.
(٤) الغاشية: كساء مزركش يغطّي ظهر الفرس، وهي من أمارات السلطنة، وكذلك العصائب، وهي رايات من الحرير المجزّع بالذهب تحمل وراء السلطان (دوزي).
وانظر النجوم ٩/ ٤٦١ هـ ٢.
(٥) الكنجي: نسيج من حرير وقطن (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>