عليه في الأوّلين والآخرين، وعلى آله الطيّبين، الأئمّة المهديّين، وسلّم، ورحم وكرّم.
«أوصيكم عباد الله بما أوصيت به نفسي، من تقوى الله ومراقبته، والعمل بما يرضيه ويقرّبنا وإيّاكم إليه، ففي تقواه ورضاه الفوز بالجنّة والنجاة من النار: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ [آل عمران: ١٨٥] وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [الحديد: ٢٠].
«ألا وإنّ يومكم هذا يوم حرام في شهر حرام، معظّم على الأيّام: يوم الحجّ الأكبر، افترض فيه على كافّة [أهل] الإسلام الحجّ إلى بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس. فتقرّبوا فيه إلى الله بما أمركم: فانحروا إناث الإبل والبقر وفحول الضأن، واجتنبوا ذوات العيوب والمشوّهة بالزيادة والنقصان، فبذلك جرت سنّة نبيّكم صلّى الله عليه وسلم وعلى الأئمّة من ولده الأطهار الكرام الأبرار عليهم السلام. لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ [الحج: ٣٧].
«تقبّل الله منّا ومنكم، وكتب لنا ولكم حجّ بيته الحرام، والوصول إلى مشاهده العظام، باعتزاز ملكنا، وإتمام أمرنا، وإنجاز متقدّم وعد [هـ] لنا، إنّه لا يخلف الميعاد، ولا يعجزه إذا أراد».
والخطبة الثانية بعد الجلوس:
«الحمد لله المبدئ المعيد، الكريم المجيد، الفعّال لما يريد، خالق الخلق، وباسط الرزق، منزل القطر، ومدبّر الأمر.
«وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله المرتضى، وأمينه على ما أوحى، المنقذ من الضلالة والردى صلّى الله عليه وسلم، وعلى آل بيته الكرام المهديّين، الأئمّة الراشدين الطاهرين، وعلى عليّ أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، وعلى الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، جبال الدين وسادات العالمين، وعلى الإمام المرتضى، والوليّ المصطفى، عبد الله أبي محمّد الإمام المهديّ بالله أمير المؤمنين، ووارث فضل الأئمّة المهديّين من آبائه الخلفاء الراشدين، وصفو الصفوة من الأوّلين والآخرين، الذي قامت به دولة المؤمنين، وبسيفه ذلّت رقاب المنافقين، فأعاد الإسلام غضّا ناضرا، والدين مشرقا زاهرا، والحقّ مضيئا باهرا، فأحيى الله به من الدين ما اندرس، ومن الحقّ ما التبس، وجمع له شرف الدنيا وفخرها، وفضل الآخرة وذخرها، صلوات الله عليه ورضوانه، ورحمته وحنانه.
«وصلّى الله على وليّ عهده، ووارث مجده، وخليفته من بعده، المتقلّد الإمامة، المتوّج بالكرامة، عبد الله أبي القاسم الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين، سليل النبيّين، وبقيّة الأئمّة المهديّين، صلاة يزيده بها كرامة وعلاء، وشرفا وسناء، سامية القدر، عالية الفخر، باقية على الدهر.
«اللهمّ، وكما قلّدتني خلافتك التي كرّمتها وشرّفتها، ولعنت مدّعيها، وأخزيت مناوئها، واخترت [لها] الواحد بعد الواحد من آبائي الكرام المصطفين، الخلفاء الراشدين، ثمّ ألبستني ثوب مجدهم، وتوّجتني تاج عزّهم، وطوّقتني إمامتهم، وقلّدتني خلافتهم، وأورثتني مقامهم، وأحييت [١٩٣ ب] بي ذكرهم، وتمّمت بي أمرهم، ونصبتني لما نصبتهم من الاحتجاج على خلقك، والقيام بحقّك، ونصر دينك، وإعزاز ملّة رسولك، ثمّ أيّدتني ونصرتني وأظهرتني، وأعززت بي الأمّة بعد الذلّة، وكثّرتهم بعد القلّة، وجمعتهم بعد الفرقة، وكشفت عنهم مدلهمّ الفتنة، ودياجي المحنة، فأصبح الحقّ مشرقا،