للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«تقبّل الله منّا ومنكم قرباننا، وأجاب دعاءنا، وزكّى أعمالنا، إنّه المنّان الكريم، الجواد الرّحيم».

[الخطبة] الثانية:

«الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلّا الله.

«والله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد دائما، والملك باقيا، والعزّ قاهرا، والدين واصبا (١). فسبحان من تفرّد بالبقاء، وتوحّد بالبهاء، وتمجّد بالسّناء، وقهر الخلق بالفناء، ومنّ بالنعم والآلاء، ابتدأ بجوده وجزى بعدله، شهد الله وشهد من مجّده أنّه لا إله إلّا هو، والملائكة المقرّبون وأولو العلم المؤمنون، قائما بالقسط، منفردا بالملك، متوحّدا بالربوبيّة، لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، وأنّ محمّدا عبده ورسوله خاتم النبيّين وسيّد المرسلين، وأكرم المصطفين، وأفضل المنتخبين، صلوات الله عليه وعلى من تقدّمه من الأنبياء والمرسلين، وخلفه من الأئمّة المهديّين من ذرّيّته الكرام الطاهرين، ألسن الصدق وأعلام الحقّ، وهداة الخلق، ودعاة الرشد، وأدلّة القصد.

«اللهمّ، صلّ منهم على من بدا ضياؤه، ساطعا سناؤه، بحر علوم زاخر الغوارب، وبدر سماء زاهر الكواكب، منوّر الظّلم، وكاشف البهم (٢)، محيي السنن، ومميت الفتن: ذلك عبد الله ووليّه وخيرته وصفيّه، أبو محمّد الإمام المهدي بالله أمير المؤمنين، المرتضى للدين، والهادي إلى الحقّ المبين، وسيف الله المنتضى على الكافرين. اللهمّ صلّ عليه أتمّ صلواتك، وواصل لديه تحيّاتك، وجدّد له كراماتك، وزده في نعمائك، وفواضل

آلائك، وجزيل عطائك.

«اللهمّ، وصلّ على وارث مقامه، وواصل أيّامه، العلم الأزهر، والسراج الأنور، محمّد أبي القاسم (٣) القائم بأمر الله أمير المؤمنين، الذي اصطفيته وكرّمته، واخترته وارتضيته، وامتحنته وابتليته، فكان لأنعمك شاكرا، وعلى البلاء صابرا، مسلّما تسليم أنبيائك الأكرمين، وأوليائك المنتخبين، لرفع شأنهم وكرامتهم، لا لهوانهم.

لقد كان المبتلى بأعظم فتنة، وأشدّ محنة، من أحقّ الأمم بالخزي واللعنة، لافترائهم عليك، وارتكابهم معاصيك، وجحدهم تنزيلك، وتكذيبهم رسولك، وتألّبهم على إطفاء نورك، وتظافرهم على هدم دينك، ولم يكن إلى سواك ضارعا، ولا إلى غيرك خاضعا، ولا في نصرك شاكّا، فنطق به مفصحا، وبيّنه موضّحا، تثبيتا للمؤمنين، واحتجاجا على الكافرين. ثمّ صرمت أيّامه، وقضيت حمامه، قبل شفاء غيظه ودرك ثأره، وبلوغأمله، فخرج من الدنيا راضيا بك، ضاحكا مسرورا بلقائك، واثقا بجزائك. اللهمّ، فصلّ عليه صلاة لا تبلغها الآمال، ولا تنتهي إليها الأعمال، تخصّه منها بأكرم فضيلة، وأقرب وسيلة، وزده إحسانا ورضوانا، ورأفة وحنانا، من فضلك الذي لا ينقصه الإعطاء [١٩٩ أ]، وجودك الذي لا منّ فيه ولا أذى. وإنّا لقضائك عليه لمسلّمون، وباختيارك له راضون، وبثوابك له موقنون، ودعاؤنا له وصلواتنا عليه فرض منك نؤدّيه، وحقّ أوجبته علينا نقضّيه.

«اللهمّ لك الحمد من قبل ومن بعد على نعمتك عليّ، بإفضائك إليّ إمامة الآباء المهديّين، وخلافة الأئمّة الراشدين، ونصبك إيّاي لإحياء الدين، بإقامة سنن سيّد المرسلين وإعزاز


(١) وصب (وزن وقف): دام وثبت.
(٢) البهم (وزن أمم): مشكلات الأمور.
(٣) في المخطوط: أبو القاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>