نختلف إلى الكتّاب بالمدينة [١٩٢ أ] فذهب أبو الزناد علوّا وذهبت سفالا.
وأكل أشعب مع سالم بن عبد الله تمرا، فجعل يأكل زوجا زوجا، فقال سالم: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قد نهى عن القرآن في التّمر.
فقال: اسكت! لو رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلم رداءة هذا التّمر لرخّص فيه حفنة حفنة!
وقيل لأشعب في امرأة يتزوّجها، فقال: ابغوني امرأة أتجشّأ في وجهها فتشبع وتأكل فخذ جرادة فتتخم!
وكانت أمّ أشعب منقطعة إلى عائشة بنت عثمان فأسلمته عائشة في البزّازين، فقالت له يوما:
تعلّمت؟
قال: تعلّمت نصف العلم.
قالت: وما هو؟
قال: تعلّمت النشر، وبقي الطيّ، وأرجو أن لا أتعلّم الطيّ.
*** وقال لرجل حين سخن الدجاجة ثم ردّت فسخنت ثم ردّت فسخنت: دجاج هذا الرجل كآل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيّا (١)، فضربته [٢٠٤ ب] فاطمة بنت الحسين مائة سوط لهذا الكلام، ووهبت له مائة دينار.
*** وقال أشعب يوما لابنه: إنّي قد كبرت، فاطلب لنفسك المعاش. فقال: يا أبه، إنّي مثل الموزة لا تحمل حتى تموت أمّها.
*** ووجد أشعب دينارا فكره أن يأكله حراما، وكره
أن يعرّفه فيأتي له طالب. فاشترى به قطيفة، وانبعث يعرّفها.
*** ودعا إنسان أشعب، فقال أشعب: لا والله ما أجيبك، أنا أعرف الناس بك وكثرة جموعك.
فقال: عليّ أن لا أدعو أحدا سواك.
فأجابه. فبينا هم كذا إذ طلع عليهم صبيّ، وهم في غرفة، فصاح أشعب: يا فلان! تعال ههنا! من هذا الصبيّ؟ شرطت عليك أن لا يدخل علينا أحد!
فقال: جعلت فداك! هذا ابني، وفيه عشر خصال ما هنّ في صبيّ.
قال: وما هنّ، فديتك؟
قال: لم يأكل مع ضيف قطّ.
قال: حسبي! التسع لك.
*** وقال أشعب: جاءتني جاريتي بدينار فأودعته [عندي] فجعلته تحت المصلّى بين يديّ. ثم جاءتني بعد أيام فقالت: هات الدينار.
فقلت: ارفعي المصلّى، فإن كان ولد فخذي ولده ودعيه- وقد كنت جعلت معه درهما- فرفعت المصلّى وأخذت الدرهم. فقلت لها: إن تركته ولد لك كلّ جمعة درهما.
فتركته وعادت في الجمعة الثانية، وقد كنت أخذته. فلم تره فبكت وصاحت. فقلت: ما يبكيك؟
قالت: الدينار، سرقته!
فقلت: مات دينارك في النفاس.
فبكت وقالت: كيف يموت الدينار في النفاس؟
فقلت لها: تصدّقين بالولادة ولا تصدّقين بالموت في النفاس؟
***
(١) اقتباس من سورة غافر، الآية: ٤٦.