للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالساحل وغزّة في شوّال سنة ثمان وخمسين وستّمائة، وأضاف إليه جماعة من العزيزيّة.

فقدّر الله قتل المظفّر عند عوده من دمشق، وتملّك الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ بعده، وإخراجه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار لقتال الأمير علم الدين سنجر الحلبيّ نائب دمشق من أيّام المظفّر قطز. فخرج إليه وقاتله وأسره وبعثه إلى مصر. وكان قد كتب الظاهر إلى آقوش أن ينضمّ إليه، فسار معه إلى دمشق وأقام بها، وبقي أيدكين يدبّر أمر دمشق. فكتب إليه الظاهر في صفر سنة تسع وخمسين [وستّمائة] بالقبض على بهاء الدين بغدي الأشرفيّ وعلى شمس الدين آقوش البرلّي في عدّة من العزيزيّة والناصريّة، فتوقّف أيدكين في ذلك. ثم اتّفق دخول بغدي عليه فقبضه. فثارت العزيزيّة والناصريّة إلى آقوش وخرجوا من دمشق ليلا على حميّة إلى المرج.

فأرسل أيدكين إلى آقّوش بالمرج يطيّب قلبه ويحلف له، فلم يلتفت إلى ذلك ورحل إلى حمص، ودعا الملك الأشرف موسى إلى القيام، فأبى عليه. فسار إلى حماة وبعث إلى المنصور:

إنّه لم يبق من البيت الأيّوبي غيرك، فقم لنصير معك ونملّكك البلاد! - فامتنع منه وردّه ردّا قبيحا. فاغتاظ ونزل على حماه وأحرق الزروع، وسار إلى شيزر، ثمّ توجّه إلى حلب وقد عاد إليها الأمير فخر الدين [ ... ] الحمصيّ من كشف التتار بالبيرة ومعه عسكر. فقال له آقوش: نحن في طاعة الملك الظاهر، فتمضي إلى السلطان وتسأله أن يتركني ومن في صحبتي مقيمين بهذا الطرف، ونكون تحت طاعته من غير أن يكلّفني وطء بساطه.

فسار الحمصيّ عن حلب، وتمكّن آقوش منها واحتاط على ما فيها من الحواصل واستبدّ بأمرها وجمع العربان والتركمان واستعدّ للقتال. فعند ما وصل الحمصيّ إلى الرمل طرف مصر لقي الأمير آقوش المحمّدي [٢٠٧ ب] الصالحيّ متوجّها بالعساكر لقتال آقوش. فبعث الحمصيّ إلى الملك بما طلبه آقوش فأنكر عليه وأمره بالانضمام إلى المحمّديّ والمسير لقتال آقوش. فعاد معه. وبعث تلوهما بالأمير علم الدين سنجر الحلبيّ لقتال آقوش على عسكر آخر بعد [٢١٠ أ] ما رضي عنه وأردفه بالأمير عزّ الدين [أيبك] (١) الدمياطيّ على عسكر ثالث. فاجتمعوا على حلب، وطردوه عنها، وأقام الحلبيّ نائبا بها. ثمّ خرج عنها فعاد إليها آقوش، وبعث إلى الملك الظاهر بالطاعة، فأبى إلّا أن يحضر إليه.

وخرج السلطان من القاهرة ومعه الخليفة المستنصر أبو القاسم أحمد إلى دمشق، وجهّز الأمير سيف الدين بلبان الرشيديّ، والأمير شمس الدين سنقر الروميّ إلى حلب. فرحل عنها آقوش وملكاها، فبعث الملك الظاهر لنيابة حلب الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، ومعه عسكر كبير، فملكها واطمأنّت به. فضاقت بآقوش البلاد ولم يبق بيده سوى البيرة، وخاف، فاضطرّه الحصار إلى أن سار إلى مصر رغبة في الطاعة. فكتب الملك الظاهر إلى النوّاب بالإحسان إليه وترتيب الإقامات له في الطرقات، حتى قدم القاهرة في ثاني ذي الحجّة سنة ستّين وستّمائة. فتلقّاه السلطان وبالغ في الإحسان إليه وأكثر من العطاء له حتى سأل آقوش السلطان أن يقلّ من العطاء إليه، وأن يقبل منه البيرة، فلم يفعل. فألحّ عليه حتى قبلها. وبقي في الخدمة إلى تاسع عشر شهر رجب سنة إحدى وستّين وستّمائة، فقبض عليه، وكان آخر العهد به.


(١) الزيادة من النجوم ٧/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>