للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعروف بنائب الكرك- ويلقّب البرناق لكبر أنفه- أحد المماليك المنصوريّة قلاوون.

ترقّى في خدمته إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة في سنة خمس وثمانين وستّمائة، وجعله أستادار ابنه الملك الأشرف خليل، وابن الخليليّ ناظر ديوانه. فاستمرّ على ذلك إلى أن مات الملك المنصور وقام من بعده الأشرف خليل، فولّاه نيابة الكرك عوضا عن بيبرس الدوادار في ربيع الآخر سنة تسعين وستّمائة، وهو على حصار عكّا، وأنعم عليه بإمرة مائة فارس ودار طبلخاناته بين الخيم [ ... ].

فأقام في نيابة الكرك إلى أن قدم إليها الملك الناصر محمد بن قلاوون في شوّال سنة ثمان وسبعمائة فقام بخدمته. فاحتال عليه حتى صيّره إلى مصر، فأنعم عليه الملك المظفّر بيبرس بإقطاع بتخاص (١) المنتقل إلى إقطاع برلغي الأشرفيّ بحكم أنّه انتقل إلى إقطاع بيبرس قبل السلطنة.

فلم يزل بمصر إلى أن زالت أيّام المظفّر وعاد الملك الناصر إلى السلطنة مرّة ثانية فأقرّه على حاله.

ثمّ بعثه نائب السلطنة بدمشق عوضا عن كراي المنصوريّ بعد ما خلع في مستهلّ جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وسبعمائة وكتب على يده مسموحا (٢) لأهل دمشق بما كان قرّره عليهم كراي، فسرّ الناس به.

ولم يزل إلى أن قدم عليه سودي نائب حلب في ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة فتلقّاه وقام له بما يجب. وعند وداعه لمسيره إلى حلب ناوله ملطفا

سلطانيّا، فإذا فيه تشوّق السلطان إليه، وأنّه ما هان عليه غيبته عنه، ويستدعيه الحضور.

فبادر وركب في ثلاثة مماليك من غير أن يعلم به أحد من أمراء دمشق. وساق البريد إلى مصر، وصعد قلعة الجبل فأكرمه السلطان وخلع عليه، وجلس رأس الميمنة، والبوبكريّ رأس الميسرة.

وكان إذا دخلا إلى الخدمة قام لهما السلطان فيقبّلان له الأرض، ويجلس كلّ واحد منهما في رتبته، فاستمرّ ذلك أيّاما.

ثم قبض عليه في يوم الاثنين [٢١٠ أ] ثاني ربيع الآخر هو وبيبرس المنصوريّ نائب السلطنة، وسنقر الكماليّ، ولاجين الجاشنكير، وبينجار، والركن الأشرفيّ، ومغلطاي المسعوديّ، وسجنوا، وكان يوما مهولا، وولي الأمير تنكز نيابة دمشق عوضه. فلم يزل في السجن إلى أن أفرج عنه في ثامن عشرين شهر رجب سنة خمس عشرة وسبعمائة، وخلع عليه وأعطي [٢١٣ ب] إقطاع الأمير حسام الدين قرالاجين الأستادار بعد موته في ثالث عشر شعبان منها. واستمرّ بجلس رأس الميمنة، والأمير بكتمر البوبكري رأس الميسرة. فلمّا كانت سنة تسع عشرة استجدّ السلطان القيام من على كرسيّ السلطنة له وللبوبكري (٣)، فكان نائب الكرك يتقدّم على البوبكريّ تأدّبا معه عند تقبيل يد السلطان فلا يسهل هذا بالأمراء لما يعلمو [ن] هـ من جلالة قدره وتقدّمه في الدولة، ويرون أنّ هذا من سلامة صدره وسذاجته. ثم سألوا السلطان عن ذلك لعلمهم أنّ العادة جرت أن يتأخّر الكبير في تقبيل يد السلطان ويتقدّمه الصغير، فكشف عن تاريخ ابتداء إمرتهما فوجد إمرة البوبكري بعده في سلطنة الملك الأشرف سنة تسعين وستّمائة.


(١) في مخطوطنا: بدخاص.
(٢) المسموح ما يعيّنه السلطان للأشخاص أو الجماعات من المال، السلوك ٢/ ١٩ هامش ٥.
(٣) النجوم ٩/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>