للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله. فإن أنت أجبت فقد سعدت، وإن أبيت فقد شقيت. والسلام على من اتّبع الهدى. ويا أهل الكتاب تعالوا [٢٩٥ ب] إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... الآية.

فلمّا قرأه أخذه فجعله في حقّ من عاج وختم عليه. وأنزل حاطب بن أبي بلتعة في داره. ثمّ أرسل إليه ليلة وليس عنده أحد إلّا ترجمان له فقال: ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها، فإنّي أعلم أنّ صاحبك قد تخيّرك حين بعثك.

فقال حاطب: لا تسألني عن شيء إلّا صدقتك.

قال: إلام يدعو محمّد؟

قال: إلى أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتخلع ما سواه وتأمر بالصلاة.

قال: فكم تصلّون؟

قال: خمس صلوات في اليوم والليلة، وصيام شهر رمضان، وحجّ البيت، والوفاء بالعهد.

وينهى عن أكل الميتة والدم.

قال: من أتباعه؟

قال: الفتيان من قومه وغيرهم.

قال: فهل يقبل قوله (١).

قال: نعم.

قال: صفه لي.

(قال): فوصفته بصفة من صفته [و] لم آت عليها (٢).

قال: قد بقيت أشياء لم أرك ذكرتها: أفي عينيه حمرة؟

قلت: ما تفارقه. وبين كتفيه خاتم النبوّة.

ويركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزى بالتمرات والكسر، لا يبالي من عمّ أو ابن عمّ.

قال: هذه صفته.

وفي رواية: هذا زمان يخرج فيه النبيّ الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله تعالى. وإنّا لنجد صفته أنّه لا يجمع بين أختين في ملك يمين ولا نكاح، وأنّه يقبل الهديّة ولا يقبل الصدقة، وأنّ جلساءه المساكين، وأنّ خاتم النبوّة بين كتفيه.

وفي رواية: أنّ المقوقس استدعى بسفط واستخرج منه سمطا (٣) فيه صفة الأنبياء عليهم السلام، وفي آخره صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثمّ أمر حاطب بن أبي بلتعة أن يصف له رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليطابق به ما عنده: فلما نعته حاطب قال المقوقس:

صدقت، هكذا صفته. قد كنت أعلم أنّ نبيّا قد بقي، وقد كنت أظنّ أنّ مخرجه بالشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله. فأراه قد خرج في العرب في أرض جهد وبؤس. والقبط لا تطاوعني في اتّباعه، ولا أحبّ أن تعلم بمحاورتي إيّاك.

وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتّى يظهروا على ما ههنا. وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا. فارجع إلى صاحبك.

وفي رواية: لولا الملك- يعني ملك الروم- لأسلمت.

ثمّ دعا كاتبا يكتب بالعربيّة فكتب: لمحمّد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام. أمّا بعد، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه. وقد علمت أنّ نبيّا قد بقي، وقد كنت أظنّ أنّه يخرج بالشام. وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم،


(١) في المخطوط: قومه، والإصلاح من الخطط ١/ ٤٥.
(٢) يعني: بشيء من صفاته، وزدنا الواو من الخطط. وعند دحلان: فوصفته فأوجزت.
(٣) قراءة ظنّيّة، ولعلّها: نمط، وهو ضرب من البسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>