للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسارع عبد العزيز بن هيج الكلابي (١) من عسكر جوهر، فدخل الفيّوم وأقام الدعوة، ففرّ منه مبشّر الإخشيديّ إلى الفسطاط.

ووافى الشريف مسلّم والجماعة من عند جوهر في ثامن شعبان ونزل بداره فأتاه الناس [و] فيهم الوزير ابن الفرات، فقرأ عليهم كتاب جوهر، وأوصل إلى ابن الفرات وغيره كتبهم، فامتنع الإخشيديّة والكافوريّة، وقال فرح البجكمي (٢):

لو جاءنا يا شريف جدّك محمد صلّى الله عليه وسلم بهذا ضربنا وجهه بالسيف!

فلامهم ابن الفرات على ذلك، وقال لهم:

أنتم سألتم الشريف في [٣٦٢ أ] هذه الرسالة، فلم يقنع حتّى أخذ معه أبا إسماعيل، وهو حسنيّ، وأخذ معه قاضي المسلمين، وأخذ رجلا عبّاسيّا.

هذا وأبو جعفر مسلّم ساكت لم يزد على أكثر من قوله: خار الله لكم!

واشتغل بمساررة ابن الفرات، والكافوريّة مع الإخشيديّة في خوض، وقالوا كلّهم: ما بيننا وبين جوهر إلّا السيف!

فقال أبو منحل: فتكون حرب بغير أمير؟

فقالوا: هو كذلك.

فقال: ترضون بمن أرضى؟

فقالوا: نعم.

فقام قائما واستقبل نحرير شويزان (٣)، وقال:

السلام عليك أيّها الأمير!

وقاموا كلّهم فسلّموا عليه وخرجوا يحجبو [ن] هـ إلى داره. فانعقد له الأمر، وأحمد ابن الأمير عليّ بن الإخشيد لا يفكّر فيه ولا يعتدّ به.

واستعدّ القوم للقتال وساروا في عاشره، ونزلوا بالجزيرة وضبطوا الجسرين. فلمّا رأى ذلك جوهر عاد إلى منية شلقان (٤) ليعبر من هناك، وبعث جعفر بن فلاح لاستقبال المراكب الواردة من تنيس ودمياط وأسفل الأرض فأخذها. فبعث الإخشيديّة نحرير الأزغلي ويمن الطويل ومبشّر [الإخشيديّ] وبلال الطائيّ في خلق ليمنعوا جوهرا من العبور (٥)، فابتدأ القتال في يوم الخميس حادي عشر شعبان. فقتل من المصريّين خلق كثير.

وانصرف الناس عشيّة الأحد النصف من شعبان [سنة ٣٥٨]. فلمّا كان نصف الليل انصرف من كان بالجزيرة إلى دورهم وأصبحوا غازين إلى الشام. وكان ممّن قتل: نحرير الأزغليّ، ومبشّر [٣٠٩ أ] الإخشيديّ، ويمن الطويل، وبلال الطائي في خلائق. فلمّا كان يوم الاثنين اجتمع أحمد بن محمد الروذباري الكاتب (٦)، وعبد الله بن أحمد


(١) ولكنّه سرعان ما ينقلب في الولاء «فيسوّد» أي يقيم الدعوة للعبّاسين (انظر الاتّعاظ ١٨٣).
(٢) فرح البجكمي: لعلّه منسوب إلى بجكم الرّائقي الذي خدم ابن رائق، وسيؤسر مع الإخشيديّة والكافوريّة ويرسل إلى القيروان، وربّما عاد إلى مصر مع المعزّ، إذ نجد في الولاة والقضاة «فرح التحكيمي»، في زمن المعزّ (ص ٥٨٦).
(٣) نحرير شويزان أو نحرير الأصغر. وهو غير نحرير الأزغلي أو نحرير الأكبر الذي سيقتل في أوّل لقاء مع جعفر بن فلاح. انظر: عيون الأخبار ٦٨٠.
(٤) منية شلقان هي اليوم قرية شلقان شرقيّ القناطر الخيريّة بمركز قليوب (النجوم الزاهرة ٤/ ٣١، هامش ٢).
(٥) في الاتّعاظ ١/ ١٠٩: وتولّى العبور إليهم جعفر بن فلاح عريانا في سراويل مع جمع من المغاربة ... ووقع القتال فقتل خلق من المصريّين.
(٦) في عيون الأخبار ٦٨١، كنيته أبو محمد وهو عامل الخراج، وانظر حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطميّة ٣٠٠، هامش ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>