للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد لفّها الليل بسوّاق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم

ولا بجزّار على ظهر وضم (١)

ثمّ قال:

قد لفّها الليل بعصلبيّ ... [أروع خرّاج من الدّوي] (٢)

مهاجر ليس بأعرابيّ

ثمّ قال:

قد شمّرت عن ساقها فشدّوا ... وجدّت الحرب لكم فجدّوا (٣)

والقوس فيها وتر عرد ... مثل جران العود أو أشدّ (٤)

لا بدّ ممّا ليس منه بدّ

إنّي والله يا أهل العراق و [معدن] الشقاق والنفاق، ومساويء الأخلاق، ما أغمز تغماز التّين ولا يقعقع لي بالشّنان (٥)، ولقد فررت عن ذكاء (٦)، وفتّشت على تجربة، وجريت من الغاية (٧).

إنّ أمير المؤمنين كبّ كنانته، ثم عجم عيدانها فوجدني أمرّها عودا وأصلبها عمودا، وأشدّها مكسرا، فوجّهني إليكم ورماكم بي لأنّكم طالما أوضعتم في أودية الفتنة، واضطجعتم في منام الضلال، وسننتم سنن الغيّ. وايم الله! لأنجرنّكم

نجر العود، ولأقرعنّكم قرع المروة، ولأعصبنّكم عصب السلمة، ولأضربنّكم ضرب غرائب الإبل!

إنّي والله ما أعد إلّا وفيت، ولا أهمّ إلّا أمضيت، ولا أخلق إلّا فريت (٨). فإيّاي وهذه الزرافات والجماعات! وقال وقيل وما تقول، وفيم أنتم وذاك! أما والله لتستقيمنّ على طريق الحقّ أو لأدعنّ لكلّ رجل منكم شغلا في جسده.

يا أهل العراق، إنّما أنتم لكأهل قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ [النحل: ١١٢]، فأتاها وعيد القرى من ربّها، فاستقيموا واعتدلوا ولا تميلوا! وبايعوا وشايعوا، واخضعوا واسمعوا وأطيعوا وأذعنوا! واعلموا أنّه ليس منّي الإكثار ولا الإهذار، ولا منكم الفرار ولا النّفار، إنّما هو انتضاء السيف، ولا يغمد في الشتاء ولا الصيف، حتى ينتهى إلى أمر الله وطاعته، ويذلّ أمير المؤمنين صعبكم ويقيم أودكم وصعركم. ثمّ إنّي وجدت الصدق مع البرّ، ووجدت البرّ في الجنّة.

ووجدت الكذب مع الفجور، ووجدت الفجور في النار. وإنّ أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوّكم مع المهلّب بن أبي صفرة. وقد أمرت لكم بذلك وأجّلتكم ثلاثا وأعطيت الله عهدا يأخذني به ويستوفيه منّي. وإنّي أقسم بالله لا آخذ رجلا يتخلّف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيّام إلّا ضربت عنقه! لا يبلغني أنّ أحدا تحلّف يوما واحدا بعد أخذ عطائه إلّا ضربت عنقه وأنهبت ماله! أقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام!

فقام الكاتب فقرأ: باسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك [بن مروان] أمير المؤمنين


(١) قال المرصفي: رغبة الآمل ٤/ ٧٥: هذا الرجز قاله رشيد بن رميض العنزيّ في شريح بن ضبيعة.
(٢) هذا الشطر ساقط من المخطوط.
(٣) في العقد ٤/ ١٢١: ما علّتي وأنا شيخ إدّ؟
(٤) في المروج والكامل والعقد: مثل ذراع البكر.
(٥) الشنان ج شنّ: الجلد اليابس إذا صوّت نفرت منه الإبل.
(٦) الذكاء: تمام السن أو حدّة الطبع (الكامل للمبرّد ١/ ٢٢١)، وفر الدابّة: كشف أسنانها ليعرف عمرها.
(٧) في العقد: وأجريت إلى الغاية القصوى.
(٨) في اللسان (خلق): ما خلقت إلّا فريت. وخلق الأديم:
قدّره قبل أن يقطع منه قربة أو خفّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>