للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمد بن محمد بن الهبّارية (١) العبّاسي، وكتب بها من كرمان في سنة ستّ وسبعين وأربعمائة إلى أمين الدولة أبي سعد ابن الموصلايا نائب الديوان ببغداد، فعرضها على الخليفة المستظهر بالله، وهي [الرجز]:

عزّ على المنصور والسفّاح ... ظهور أمر الحسن الصبّاح

يدعو إلى ميمونه القدّاح ... بألسن الصفاح والرماح

أنائم أنت أبا العبّاس؟ ... ناحت دعاة القوم في النواحي

فدعوة الصباح كالصياح ... قد صرّحت بشرّها الصراح

قائلة بألسن فصاح: ... حيّ على قتل بني العبّاس!

فأكثر العالم مستجيب ... إلّا امرؤ محقّق نجيب

بقلبه من خوفهم وجيب ... وذاك في هذا الورى عجيب

وكلّهم شارب هذا الكأس ... لم يبق في ظهورهم خفاء

قد ذهب النفاق والرياء ... ولعبوا بالملك كيف شاءوا

واستذأبت للجرّة الجمّاء ... إذ غلبت [أ] سد عن الأخياس (٢)

فالباطل اليوم جهارا ظاهر ... شيطانه للمسلمين قاهر

بكذبه معالن مجاهر ... سيفه على العباد شاهر

مفتخر بمكره في الناس ... حذار من شرّهم حذار

فإنّهم كالأسد الضواري ... قانية الأنياب والأظفار

ليس لها في الغاب من قرار ... شوقا إلى العراك والمراس

فنارهم تستعر استعارا ... ترمي إليك الجمر والشرارا

ترى فراش ضوءها الأعمارا ... فاحذر أبيت اللعن ثارا

فهي بلا أسّ ولا نحاس ... حقرتم الشرار في الرماد

فعاد كالجمر في الاتّقاد ... وحرّه والله في فؤادي

وسائر القلوب والأكباد ... قلوب أهل السنّة الأكياس

كأنّنا نبصر ما يكون ... إنّ اللبيب ظنّه يقين

هوّنه قوم وما يهون ... والاحتقار لهم جنون

وا حزنا! ليس لجرحي آس! ... إن تمّ أمر القوم في كرمان

دبّ إلى الأقطار والبلدان ... وانكشفت سريرة السلطان

[ ................ ... ] (٣) ... وجاء بغداد بلا احتباس


(١) ابن الهبّاريّة: شاعر عبّاسي خدم الوزراء السلاجقة، وهو صاحب ديوان الصادح والباغم، ونظم كليلة ودمنة (توفّي سنة ٥٠٤)، انظر دائرة المعارف الإسلاميّة ٣/ ٧٩٧.
(٢) الجرّة بالفتح: العذاب والظلمة. وبالكسر: القوم، والجمّاء: النعجة، وهذا معنى المثل استنسر البغاث.
والخيس بالكسر: أجمة الأسد.
(٣) شطر ساقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>