للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطواشي شهاب الدين رشيد أستادار السلطان في خدمته على السماط مثلما يقف بين يدي السلطان، وأن يقف أمير جاندار والحجّاب بين يديه كما هي عادتهم في الخدمة السلطانيّة.

وكتب [إلى] (١) الخوارزميّة وكبيرهم كشلوخان، وقد قطعوا الفرات وساروا إلى دمشق نصرة للملك الصالح نجم الدين أيّوب على عمّه الصالح إسماعيل صاحب دمشق ونزلوا بغزّة، بأن يكون [وا] بأجمعهم في خدمة الصاحب معين الدين. فسار بالهيئة الملوكيّة من ظاهر القاهرة إلى غزّة فتلقّاه الخوارزميّة والعسكر وسار بهم إلى بيسان وأقام بها مدّة. ثمّ رحل عنها إلى دمشق فنزل عليها، وقد امتنع بها الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن العادل أبي بكر بن أيّوب. فعاثت الخوارزميّة في أعمال دمشق وكثر إفسادهم. فبعث الصالح إسماعيل إلى الصاحب معين الدين بسجّادة وإبريق وعكّاز، وقال له: اشتغالك بهذا أولى من اشتغالك بقتال الملوك.

فسيّر له جنكا وزمرا وغلالة حرير، وقال له:

السجّادة والإبريق والعكّاز يليق بي، وأنت أولى بالجنك والزمر والغلالة.

وجدّ في محاصرة دمشق وضايقها وأحرق قصر حجّاج (٢) في ثاني محرّم سنة ثلاث وأربعين وستّمائة، وركّب المجانيق وألحّ في القتال إلى أيّام من جمادى الأولى. فأذعن الصالح إلى ترك دمشق وخرج عنها، وقد تعوّض بدلها بعلبك وبصرى، ودخل الصاحب معين الدين إلى دمشق يوم الاثنين عاشر جمادى الأولى، وكفّ الخوارزميّة عن

المدينة، ودبّر الأمور أحسن تدبير، وأقطع الخوارزميّة [٣٧٠ ب] الساحل بمناشير كتبها لهم وعلّم عليها بخطّه، وسلّم قلعة دمشق إلى الطواشي شهاب الدين رشيد، وأقام الخطبة للملك الصالح نجم الدين أيّوب بدمشق وسائر أعمالها. وبعث بالبشارة إلى الملك الصالح، فأنكر على الأمراء وعلى الطواشي رشيد تمكينهم الصالح إسماعيل من بعلبك وقال: إنّ معين الدين حلف له، وأنتم فما حلفتم.

وأقام الصاحب معين الدين بمدينة دمشق يدبّر أمورها إلى أن مرض، ومات في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وستّمائة.

ودفن إلى جانب أخيه عماد الدين عمر بسفح قاسيون.

وكان يكثر في تواقيعه [عبارة: ] «يجري على العادة»، فقال فيه الأمير سيف الدين علي ابن المشدّ [المنسرح]:

صوفيّكم ما له من السعادة ... أستغفر الله غير سجّادة

لو شاوروه في حلق لحيته ... قال: احلقوها جرى بذا العادة

وزار مرّة الإمام الشافعيّ بالقرافة فصادف عنده جمال الدين أبا الحسين يحيى بن مطروح فأنشده بديها [الكامل]:

لله أيّ فضيلة أدركتها ... في خدمة المولى الوزير الناسك

عند الإمام الشافعيّ وجدته ... فظفرت عند الشافعيّ بمالك


(١) زيادة من السلوك ١/ ٣١٩.
(٢) محلّة بظاهر باب الجابية بدمشق (السلوك ١/ ٣٢٠ هامش ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>