للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النفيس، ثقة الخلافة، عمدة الإمام، شرف الأحكام، أمين الملك، عزّ القضاة، سراج الدين، وليّ أمير المؤمنين.

توفّي في شهر ربيع الأوّل سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

ومن شعره يرثي بحريّا [خفيف]:

من لجرّ اللبان في النعلين ... ولإلقا المرسى على الأنبطين؟ (١)

واعتقال المدرى وقد سكن الري ... يح برغم السفّار في تشرين (٢)

والمجاديف من بها يستقلّ ... بعد ما قد أتاك ريب المنون؟

من يرصّ اليروق في الجنب رصّا ... ويسدّ المأوات بالسّرقين؟ (٣)

٥ من تراه من بعد فقدك أضحى ... حامل العبء ماسك النقرون؟ (٤)

من يلالي لصحبه كلّ وقت ... بنشيد جذل وصوت حنين؟ (٥)

يطرب الأروع الحليم فيلهو ... ويسلّي بالحسن قلب الحزين

وإذا ما صعدت فوق القرايا ... قلت: مدّوا إليّ حبل القوتين (٦)

وامسكوا الراجع القويّ وشدّوا ... طرفيه بالجدّ والتمكين (٧)

فتنادي بالهال والهين صوتا ... منه تنهدّ شاهقات الحصون (٨) ١٠

وإذا ما الرياح هبّت شمالا ... صحت فيهم: أرخوا حبال القرون!

وإذا ما الرياح هبّت جنوبا ... واستمرّت أقلعت بالدّلون (٩)

وترى في البحار ليلا وصبحا ... طافيا راسيا كمثل النون

كنت في الصيف في نعيم مقيم ... والشتا أنت في العذاب الهون

كم لعمري سريت من تحت بوش ... في الدياجي أصبحت في الطلموني (١٠) ١٥

تهتدي في الظلام بالقطب والجد ... ي، وفي الصبح بالضياء المبين


(١) اللبان: الحبل الغليظ يربط المركب إلى الرصيف.
والمرسى: لعلّها جمع مرساة وهي الأنكر، أو المرس والمرسة وهو الحبل. وفي عيون التواريخ: على الإبطين.
(٢) المدرى: المشط. وهي أيضا «عصا البحّار» (دوزي، ٢/ ٤٣٩).
(٣) اليروق ج يرق: قال دوزي: لفظ تركيّ يعني «الأسلحة».
وترجمه كاترومير بالزاد والمؤونة والعدّة في نصّ لابن إياس. والمأوات ج مأوة: الحفرة. والسرقين والسرجين بمعنى: الأسمدة من الزبل، ولا علاقة لها بالملاحة.
(٤) النقرون: من مادّة نقر، والناقور هو الصور، والنّقيرة:
طبل صغير (دوزي). ولعلّ هذا هو المقصود بالنقرون في لغة البحّارة.
(٥) يلالي مضارع لالى: يغنّي.
(٦) القرايا ج قريّة: العود الذي يحمل الشراع عرضا من أعلاه. ولم نهتد إلى حبل القوتين.
(٧) الراجع: لولب ترفع به الأشرعة وتعلّق (دوزي).
(٨) الهال والهين: الهال: زجر الخيل، والهولة: الضجّة.
والهين: الساكن المتّئد. فالهال والهين قد يعنيان الصوت العالي والصوت المنخفض.
(٩) الدلّون: شراع مخصوص (دوزي).
(١٠) البوش: الإبحار تحت الريح (دوزي) وهي محرّفة عن «بوجي». وهي أيضا آلة ضخمة تشدّ بها الأثقال في السفن والمرافئ. وهو المعنى المتداول عند بحّارة تونس. والطلموني قريبة معنى من «طيلمان» وهو صدر السفينة، أو الخشبة التي توضع بالصدر لتشقّ الماء، وتسمّى في الملاحة التونسيّة «تليمار»: تحريف Taillemer الفرنسيّة. ولعلّ الطلموني هنا نقيض البوش في معنى الهدوء والطمأنينة في قبالة العاصفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>