للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولدك، والوقت الذي يكون فيه ذلك، والعلامات، وما ينبغي لكم أن تعملوا به، على ما سمع وروى عن أبي، عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فاقبضها إليك، واعلم أنّ صاحب هذا الأمر من ولدك عبد الله ابن الحارثيّة، ثم عبد الله أخوه.

فإذا مضت سنة الحمار فوجّه رسلك بكتبك نحو خراسان والعراق.

وعرّفه ما يعمل. وكان أبو هاشم قد أعلم شيعته من أهل خراسان والعراق عند تردّدهم إليه أنّ الأمر صائر إلى محمد بن عليّ، وأمرهم بقصده. فلمّا مات أبو هاشم في سنة تسع وتسعين قصدت الشيعة محمد بن علي ومالت إليه. وثبّتت إمامته وإمامة ولده، وبايعوه، وبايعوا ابنه إبراهيم الإمام على ذلك.

وكان الخراسانيّون الذين قدموا لطلب الإمام يقولون: هذا أمر لا يصلح إلّا لذي شرف ودين وسخاء، فيتبعه قوم لشرفه وآخرون لدينه وآخرون لسخائه. فأتوا رجلا من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فدلّهم على محمد بن عليّ ذي الثفنات وقال: هو صاحبكم ومن أفضلنا.

فأتوه. واختار خراسان وقال: لا أرى بلدا إلّا وأهله يميلون إلى غيرنا: أمّا أهل الكوفة فميلهم إلى ولد عليّ بن أبي طالب.

وأما أهل البصرة فعثمانيّة.

وأما أهل الشام فسفيانيّة مروانيّة.

وأمّا أهل الجزيرة فخوارج.

وأما أهل المدينة فقد غلب عليهم حبّ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومنهم من يميل إلى الطالبيّين.

ولكنّ أهل خراسان قوم فيهم الكثرة والقوّة والجلد وفراغ القلوب من الأهواء. ٢

فبعث إلى خراسان محمد بن حبيش، وأبا عكرمة السرّاج- وهو أبو محمد الصادق- وحيّان العطّار (١*). [وبعث] أبا رباح ميسرة مولى بني أسد إلى الكوفة بمشورة أبي هاشم. وقد كان أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفيّة سمّى له قوما من أهل الكوفة. فقدم على محمد بن عليّ ناس من أهل خراسان من الشيعة بعد مولد أبي العبّاس عبد الله بن محمد فأخرجه إليهم في خرقة، وعمره خمسة عشر يوما، وقال: «هذا صاحبكم الذي يتمّ الأمر على يده! » فقبّلوا أطرافه.

وكانت ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثيّ عند عبد الله بن عبد الملك بن مروان، فمات عنها، فتزوّجها بعده الحجّاج بن عبد الملك بن مروان، فطلّقها، فقدم محمد بن عليّ السجّاد من الشّراة (٢*) وهو يريد الصائفة، فسأل عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ خليفة، أن يأذن له في تزوّجها، فقال: «ومن يمنعك- رحمك الله! - من ذلك، إن رضيت؟ هي أملك لنفسها».

فتزوّجها بحاضر قنّسرين في دار طلحة بن مالك الطائيّ، واشتملت منه على أبي العبّاس عبد الله بن محمد- السفّاح- وولدته في سنة مائة، ويقال: في سنة إحدى ومائة (٣*). وكان [٦٥ أ] محمد بن عليّ يقول: لنا ثلاثة أوقات: موت الطاغية يزيد، ورأس المائة، وفتق بإفريقيّة. فعند ذلك تدعو لنا الدعاة ثمّ يقبل أنصارنا من المشرق حتّى يوردوا خيولهم أرض المغرب، وسيخرجون ما كنز الجبّارون فيها.


(١*) «خال إبراهيم بن سلمة»: ابن خلدون ٣/ ١٠٠ والكامل ٤/ ١٥٩.
(٢*) الشّراة قرب الحميمة بالشام في إقليم البلقاء بالقرب من الشوبك (وفيات ٢/ ٢٧٨).
(٣*) في سنة ١٠٤ (الكامل ٤/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>