للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام وأهله بالموضع الرفيع، وذكرنا في كتابه المنزّل فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب: ٣٣].

ثم جعلنا ورثته وعصبته فزعمت السبائيّة (١) الضّلّال والمروانيّة الجهّال أنّ غيرنا أحقّ بالأمر منّا، فشاهت وجوههم بقولهم (٢). وبنا هدي الناس بعد ضلالتهم وبصّروا بعد جهالتهم وأنقذوا بعد هلكتهم، فظهر الحقّ وأدحض الباطل ورفعت المحنة (٣) وتمّمت النقيصة وجمعت الفرقة، وذلك بالنبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا قبض الله نبيّه قام بالأمر بعده أصحابه فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها ووضعوها مواضعها وأعطوها أهلها وخرجوا من الدنيا خماصا. ثم وثب بنو حرب وبنو مروان فابتزّوها أهلها فجاروا فيها وأساءوا وظلموا فأملى الله لهم حين آسفوه فانتقم منهم بأيدينا وردّ علينا حقّنا وتدارك أمّتنا وولي نصرنا والقيام بأمرنا كما قال: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ (٤) عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ [القصص: ٥]. وإنّي لأرجو أن يتمّ لنا ما افتتح بنا، وسيأتيكم العدل والخير بعد الجور والشرّ، وما توفيقنا إلا بالله.

يا أهل الكوفة، [٧٣ ب] إنّكم محلّ دعاتنا وأوليائنا. وأهل محبّتنا، فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا. وقد زدتكم في أعطياتكم مائة مائة، فاستعدّوا فإنّي السفّاح المنيح (٥) والثائر المبير!

وكان موعوكا فجلس على المنبر وأشار لداود بن عليّ بالكلام فقام دونه فقال: شكرا شكرا! شكرا شكرا! إنّا والله ما خرجنا فيكم لنحفر نهرا ولا نبني قصرا ولا نسير سير الجبّارين الذين ساموكم السخف ومنعوكم النصف. أظنّ عدوّ الله أن لن نقدر عليه؟ أرخي له في زمامه حتّى عثر في


(١) المتاميّة في الكامل ٣٢٤. والسبائيّة عند الطبريّ ٨٢.
(٢) في المخطوط: ... وجوههم بما ولم وبنا هدى ...
وفي تاريخ الطبريّ والكامل: بم ولم أيها الناس ...
(٣) في المخطوط الحنّة، وفي الكامل: الخسيسة.
(٤) في المخطوط: ولنمنّ.
(٥) في المخطوط: المبيح بالضمّ والباء. وعلّق الشيخ النجّار في الكامل، ٤/ ٣٢٥ فقال: السفّاح المنيح اسم لقدح ذي حظّ كبير في الميسر. وفي اللسان (منح- سفح) بسطة-
عن أسماء القداح وترتيبها، فهي: المصدّر، ثم المضعّف ثم المنيح ثم السفيح (لا السفّاح).
وقد جاء في المخطوط على ورقتين طيّارتين إضافتان لهذه الترجمة لا تجدان مكانهما المعقول في متن الترجمة، فالأولى هي هذه:
... [٧٤ أ] وذلك أنّ الخبر أتى السفّاح بخروج مروان من حرّان ونزوله الموصل. فجمع السفّاح أهله وقال: من يلق [ى] مروان دوني؟
فقال له عمّه عبد الله بن عليّ: أنا! وأنا له كفؤ.
فقال: صدقت، وبذلك أخبر الإمام إبراهيم.
فعقد له لواء أسود وألبسه السواد وأنهده إليه. ثم أنشد السفّاح مرتجلا [البسيط]:
يا آل مروان إنّ الله مهلككم ... ومبدل أمنكم خوفا وتشريدا
لا عمر الله من أنسابكم أحدا ... وبثّكم في بلاد الخوف تطريدا
ودفعهما إلى رجل حصيف وقال له: تحيّل في إنشادهما في عسكر مروان من حيث لا يعلمون، كأنّك هاتف يهتف بهما.
وسار عبد الله بن علي وجرت بينهم حروب. ثم إنّ ذلك الرجل تحيّل في سرب احتفره حتّى وصل إلى أصل شجرة [٧٤ أ] في معسكر مروان، واتّخذ فيه خروقا خفيّة تخرج الصوت، ثم قام، وأنشدهما ليلا. فظنّوه هاتفا يهتف؛ فتفلّلت عزيمتهم وكان ذلك من أسباب الهزيمة.
ولمّا أتى السفّاح رأس مروان سجد ثمّ أنشأ يقول [الطويل]:
تناولت ثأري في أميّة عنوة ... وحزت تراثي اليوم عن سلفي قسرا
وألقيت ذلّا في مفارق هامهم ... وألبستها عزّا ولم آلها فخرا
أما الثانية فهي تكرار لما جاء بلوحة ٦٤ ب فألغيناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>