للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا خليفة هاديا، جعلهم فيه شرعا، وجعله عليهم حتما فقال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الأنبياء: ٣٤] وقال:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: ٣٠]. فتبارك الله ربّ العالمين. ثم إنّ خليفتكم عبد الله أبا العبّاس أمير المؤمنين رحمة الله عليه كان عبدا من عباد الله الذين كتب عليهم الموت ونقلهم إلى دار الثواب، أكرمه الله بخلافته، وأحيا به سنّة نبيّه، وردّ به حقّ أهل هذا البيت إليهم، حتّى استقرّ في مقرّه وحلّ محلّه، وخرج من أيدي الفجرة الظّلمة أهل بيت اللعنة الذين أخذوه اغتصابا وظلما وابتزازا بالتمويه والشبه وادّعاء الأباطيل. ثم استعمله الله لطاعته إلى انقضاء مدّته وأثره ونفاد أجله وأكله، وقبضه إليه حميدا رشيدا سعيدا، وقد رضي سعيه وأقام به حقّه، فرحمة الله عليه وبركاته وصلواته.

«وقد استخلف أخاه أبا جعفر أصلحه الله وأمتع الخاصّة والعامّة به، لكمال سنّه وفضل رأيه وصحّة عزمه ونفاذ بصيرته، وجعل وليّ العهد بعدهعيسى بن موسى بن محمد بن عليّ، وهو من قد عرفتم جزالته وبراعته وفضله. فعند الله نحتسب أبا العبّاس أمير المؤمنين، وإيّاه نسأل أن يعظم أجورنا وأجوركم فيه، وأن يبارك لأمير المؤمنين أكرمه الله فيما ولّاه واسترعاه، ويحضره الرشد والسّداد في أموره.

«فبايعوا رحمكم الله لأمير المؤمنين عبد الله، أمتع الله به، ولعيسى بن موسى بن محمد بن عليّ إن كان بعده، بيعة صادقة عن طوع واعتقاد ونيّة حسنة، بيعة تنشرح بها صدوركم وتخلص فيها نيّاتكم لتنالوا بها عاجل المكافأة وآجل الثواب إن شاء الله.

«أحسن الله عليكم الخلافة وتولّاكم بالكفاية! ».

ثمّ بكى وبكى الناس. فلمّا نزل كتب إلى عيسى بن موسى بالقدوم، وكان بالكوفة. فقدم الأنبار وأعطى الناس أرزاقهم.

وكتب عيسى بن عليّ إلى أبي جعفر: أمّا بعد، أصلح الله أمير المؤمنين وأصلح به وعلى يديه، فإنّ أقلّ المصائب يا أمير المؤمنين نكاية وإن عظمت بها الرزيّة وجلّ الخطب وأفظع الأمر، مصيبة جبرت بحسن العوض في الدنيا وجزيل الثواب في الآخرة. وإنّ أمير المؤمنين أبا العبّاس رحمة الله عليه [٨٩ أ] وصلواته كان من عباد الله الذين حتم عليهم الموت وخلقهم للفناء، فقبضه الله حميدا سعيدا قائما بالحقّ جميل النظر للخاصّة والعامّة، مشفقا عليهم، معفيّا بعدله على جور أهل الظلمة من أهل بيت اللعنة، وبإحسانه على إساءتهم وشرارتهم.

«وقد استخلفك يا أمير المؤمنين بعده وجعل وليّ عهدك عيسى بن موسى بن محمد. فأعظم الله أجر أمير المؤمنين على الرزيّة الفاجعة، وبارك لك في العطيّة الفاضلة، فلا مصيبة أجلّ من مصيبته، ولا عقبى أحسن من عقباه. ورحم الله أبا العبّاس وغفر له وضاعف حسناته، وجعل الله أمير المؤمنين خير خليفة وإمام [و] أعمله بعدل وأقومه بحقّ وأنظره لعامّة وأحناه على خاصّة بمنّه وقدرته.

وقد دعوت الناس لبيعتك يا أمير المؤمنين، فسارعوا إليها واحتسبوا الخير فيها، حقّق الله آمالهم وبلّغهم بك وفيك أمانيهم يا أمير المؤمنين.

فاشكر الله يزدك واستعنه يعنك واستكفه يكفك.

«أسأل الله لأمير المؤمنين أحسن الحفظ وأدوم العافية والسلامة في الدنيا والآخرة».

وكتب رقعة أدرجها في الكتاب لم يدر ما فيها،

<<  <  ج: ص:  >  >>