للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: «يا ربيع، أخرجه من قصري وابعث به إلى حمدان النخّاس حتّى يبيعه». فوجّه به الربيع من ساعته فبيع بالكرخ.

وقال حمّاد التركي: ولّاني المنصور المدائن، ثمّ عزلني، فقال لي ذات يوم: «يا ابن الخبيثة، كم عندك من المال؟ » فقلت: أصدقه فإنّه لا ينفعني عنده إلّا الصدق. وأخبرته بمبلغ المال، فقال:

«ادفعه إلى الربيع» ففعلت. ثمّ رحت بالعشيّ.

فإنّي بين يدي المنصور واقف لا أشكّ في ذهاب المال إذ دخل الربيع فقال له: يا ربيع، أحمل حمّاد إليك ذلك المال؟

قال: نعم.

قال: أفعرفت وزنه؟

قال: نعم.

قال: احتفظ به. فإذا تزوّج حمّاد فادفعه إليه.

وكان المنصور يقسم على مواليه الأرزاق حتى الفانيد (١) والترياق. وكان مشايخ أهله يدخلون عليه بالعشيّات في النعال والأردية.

وخرج يوما سائرا فأساء بعض أحداث مواليه الأدب وسار في ناحية أمر أن لا يسير فيها أحد كراهة للغبار. فالتفت إلى عيسى بن عليّ وهو يسايره فقال: والله ما ندري يا أبا العبّاس ما نصنع بهؤلاء الأحداث؟ لئن حملناهم على الأدب وأخذناهم بما يجب ليقولنّ [١٠٧ ب] جاهل إنّا لم نحفظ آباءهم فيهم. ولئن تركناهم وركوب أهوائهم ليفسدنّ علينا غيرهم.

ولمّا خرج عليه محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن، وجاءه فتق من ناحية أخرى، جعل ينكت بقضيب معه ويقول [الكامل]:

ونصبت نفسي للرماح دريئة ... إنّ الرئيس لمثل ذاك فعول

وقال في آل أبي طالب [طويل]:

فلولا دفاعي عنكم إذ عجزتم ... وبالله أحمي عنكم وأدافع

لضاعت أمور منكم لا أرى لها ... كفاة، وما لا يحفظ الله ضائع

وما زال منّا، قد علمتم، عليكم ... على الدهر إفضال يرى ومنافع

وما زال منكم أهل غدر وجفوة ... وبالله مغترّ وللرحم قاطع

وركب مرّة وأهله حوله فقال عثمان بن عمارة المرّي: إنّ حشو أثواب هذا الرجل لمكر ودهاء نكر، وما هو إلّا كما قال [ابن] جذل الطعان [الوافر]:

فكم من غارة ورعيل خيل ... تداركها وقد حمي اللقاء

فردّ رعيلها حتّى ثناها ... بأسمر ما يرى فيه التواء

وقال إسحاق بن مسلم: لقد سبرته فوجدته بعيد الغور، وعجمت عوده فوجدته مرّ المذاق، وإنّه ومن حوله لكما قال ربيعة بن مكدّم [الطويل]:

سما لي فرسان كأنّ وجوههم ... مصابيح تبدو في الظلام زواهر

يقود [هم] كبش أخو مصمئلّة ... عبوس السّرى قد لوّحته الهواجر

وقال عبد الله بن الربيع الحارثيّ (١*): هو والله


(١) الفانيد: نوع من السكّر السجستانيّ، فيقال: سجزيّ.
(١*) في إسحاق بن مسلم [العقيليّ] وعبد الله بن الربيع [المدنيّ] يقول الطبريّ ٧/ ٤٤٧ و ٦٠٩: وكانا من صحابة المنصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>