للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: حتى أسأل عنهما.

قال: ومن تسأل عنهما؟

قال: كنت أسألهما: من أين أنتما؟

قال [المأمون: إذا] سألت الرجل: من أين أنت؟ وقال: أنا من استيجاب. وسألت المرأة: من أين أنت؟ فقالت: من استيجاب [وهذا] ابن عمّي، تزوّجنا وجئنا، أكنت حابسا المرأة والرجل لسوء ظنّك وتوهّمك الكاذب، إلى أن يرجع الرسول من استيجاب؟ . وإذا مات [الرسول] أو ماتا؟

قال: كنت أسأل في عسكرك ههنا.

قال، فلعلّك لا تصادف في عسكري من أهل استيجاب إلّا رجلا أو رجلين فيقولان لك: لا نعرفهما على هذا النسب. يا صاحب الكفن ما أحسبك إلّا أحد ثلاثة: إمّا مديون، وإمّا رجل مظلوم، وإمّا رجل تأوّلت في حديث أبي سعيد الخدري في خطبة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ونحن نسمع الخطبة إلى مغيربان الشمس (١)، إلى أن بلغ إلى قوله: «إنّ أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر، فجعلتني جائرا، وأنت الجائر، وجعلت نفسك تقوم مقام الآمر بالمعروف، وقد ركبت من المنكر ما هو أعظم عليك. لا والله، لا ضربتك سوطا ولا زدتك على تخريق كفنك! ونفيت من آبائي الراشدين المهديّين إن قام أحد مقامك هذا لا يقوم بالحجّة إن نقصته من ألف سوط ولآمرنّ بصلبه في الموضع الذي يقوم فيه!

(قال) فنظرت إلى عجيف وهو يخرق كفن ديث أبيا لرجل ويلقي عليه ثياب بياض.

*** وقال إبراهيم بن محمد بن عرفة: حكى لي عن أبي عبّاد أنّه ذكر المأمون يوما فقال: كان والله أحد ملوك الأرض، وكان يجب له هذا الاسم على الحقيقة.

ودخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال له: ما حملك على خلافنا؟

قال: آية في كتاب الله تعالى.

قال: وما هي؟

قال: قوله وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [المائدة: ٤٤].

فقال له المأمون: ألك علم بأنّها منزّلة؟

قال: نعم.

قال: وما دليلك؟

قال: إجماع الأمّة.

قال: فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل.

قال: صدقت. السلام عليك يا أمير المؤمنين.

*** وقال أبو العيناء: كان المأمون يقول: كان معاوية بعمره وعبد الملك [١٣٢ ب] بحجّاجه، وأنا بنفسي.

وقال قحطبة بن حميد بن قحطبة: حضرت المأمون يناظر محمد بن القاسم النّوشجاني في شيء، ومحمّد يفضي له ويصدّقه. فقال له المأمون: أراك تنقاد إلى ما تظنّ أنّه يسرّني قبل وجوب الحجّة عليك. ولو شئت أن أقتسر الأمور بفضل بيان وطول لسان وأبّهة الخلافة وسطوة الرئاسة لصدّقت وإن كنت كاذبا، وصوّبت وإن كنت مخطئا، وعدّلت وإن كنت جائرا. ولكنّي لا أرضى إلّا بإزالة الشبهة وغلبة الحقّ. وإنّ شرّ


(١) غربت الشمس تغرب غروبا ومغبربانا ... كأنّهم صغّروا مغربانا. قاله ابن الأثير في النهاية ٣/ ٣٥١ وأورد حديث أبي سعيد.
وإسنيجباب لم نعرفها ولعلّها داخلة في افتراض المأمون في محاققة هذا الواعظ المحتسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>