وبنات: تزوّج إحداهنّ محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق ونقلها إلى المدينة، واسمها أمّ الفضل.
وأخرى تزوّجها الواثق هارون ابن أبي إسحاق محمد المعتصم ابن هارون الرشيد.
وأخرى تزوّجها المتوكّل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم.
*** وقال محمد بن الجهم البرمكيّ: قال لي المأمون يوما: يا محمد، أنشدني بيتا من المديح جيّدا فاخرا لمحدث حتّى أولّيك كورة تختارها.
قلت: قال عليّ بن الخليل في أمير المؤمنين المهديّ [الكامل]:
فمع السماء فروع نبعتهم ... ومع الحضيض منابت الغرس
متهلّلون على أسرّتهم، ... ولدى الهياج مصاعب الشّمس
فقال: أحسنت، قد ولّيتك الدينور. فأنشدني بيت هجاء على هذه الصفة حتى أولّيك كورة أخرى.
فقلت: قول الذي يقول [الكامل]:
قبحت مناظرهم فحين خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر
فقال: أحسنت، قد ولّيتك همذان، فأنشدني مرثية على هذا [الشرط] حتّى أزيدك كورة أخرى.
فأنشدته [الطويل]:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر (١)
فقال: أحسنت، قد ولّيتك نهاوند. فأنشدني بيتا من الغزل على هذا الشرط حتّى أولّيك كورة أخرى.
فقلت: قول الذي يقول [الطويل]:
تعالي نجدّد دارس الوصل بيننا ... كلانا على طول الجفاء ملوم
فقال: أحسنت. قد جعلت لك الخيار.
فاخترت السوس من كور الأهواز، فولّاني ذلك أجمع، ووجّهت إلى السوس بعض أقاربي.
*** وقال أبو حاتم الرازي: ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد، فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل. وكان مجلسه عند قصرالمأمون فبنى [١٣٩ ب] له شبه منبر. فصعد سليمان وحضر حوله جماعة من القوّاد عليهم السواد، والمأمون فوق قصره قد فتح باب القصر، وقد أرسل ستر شفّ وهو خلفه يكتب ما يملي.
فسئل أوّل شيء حديث حوشب بن عقيل، فلعلّه قد قال: «نا حوشب» أكثر من عشر مرّات وهم يقولون: «لا نسمع». فقام مستمل ومستمليان وثلاثة، كلّ ذلك يقولون: «لا نسمع، حتى قالوا:
«ليس الرأي إلّا أن يحضر هارون المستملي».
فذهب جماعة فأحضروه. فلمّا حضر قال من ذكرت: فإذا صوته خلاف الرعد فسكتوا، وقعد المستملون كلّهم. فاستملى هارون. وكان لا يسأل عن حديث إلّا حدّث من حفظه.
*** وكان القاضي يحيى بن أكثم قد غلب على المأمون، فشكا أبا الوليد بشر بن الوليد بن خالد الكندي قاضي مدينة المنصور، وقال للمأمون:
«إنّه لا ينفّذ قضائي». فقعد المأمون على سريره
(١) العقد ٥/ ٣٨١. والأبيات لصريع الغواني (ديوانه، ٢٣١).