للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرسم بطلبه وتوجّه البريد إليه فأبطأ حضوره نحو شهر. فقام الوزير نجم الدين محمود بن عليّ [بن شروين] وزير بغداد (١) في ولاية الموفّق هبة الله بن إبراهيم ناظر الدولة فاستقرّ في نظر الخاصّ.

وقدم ابن زنبور من الشام بعد ولاية الموفّق فباشر استيفاء الصحبة (٢) على عادته إلى أن تسلطن الكامل شعبان بن محمّد [ف] ولّاه نظر الخاصّ عوضا عن الموفّق هبة الله بن إبراهيم، واستقرّ كاتبه فخر الدين بن سعيد مستوفي الصحبة عوضه، ثمّ صرف في العشرين من شهر رجب منها بالفخر ابن السعيد المستوفي. وأعيد إلى الاستيفاء عوضا عن ابن السعيد، وكانت مباشرته نظر الخاصّ [نيفا] وثمانين يوما.

ثمّ خلع [١٧٦ ب] عليه في عشرين المحرّم سنة سبع وأربعين [وسبعمائة] واستقرّ في نظر الدولة عوضا عن تقيّ الدين سليمان بن عليّ بن مراجل، رفيقا للوزير نجم الدين محمود بن عليّ وزير بغداد.

ثمّ أعيد إلى نظر الخاصّ في عاشر جمادى الآخرة منها. وأضيفت إليه الوزارة، فخلع عليه في يوم الخميس سابع عشرين ذي القعدة سنة إحدى وخمسين، فاستقلّ بالوزارة ونظر الجيش ونظر الخاصّ بعد ما تمنّع واشترط شروطا كثيرة.

ونزل إلى داره في موكب عظيم.

وجلس يوم السبت تاسع عشرينه بشبّاك الوزارة من قاعة الصاحب بالقلعة في دست الوزارة.

وجلس الموفّق ناظر الدولة قدّامه ومعه جماعة

المستوفين، فطلب جميع مباشري الدولة وقرّر ما يعتمدو [ن] هـ وطلب الحاج محمد بن يوسف المقدّم وشدّ وسطه (١*) وأعاده إلى تقدمة الدولة، وقد كان عزل في وزارة الأمير منجك بابن عمّه أحمد ابن [أبي] زيد. وطلب المعاملين وسلّفهم على اللحم وغيره. وتقدّم بكتابة ما عليه الحال في بيت المال وفي الأهراء: فلم يكن بها درهم ولا إردبّ غلّة، وعرض ذلك كلّه على السلطان والأمراء.

وشرع في عرض الكتّاب والشادّين، وعمل أوراق المتأخّر في النواحي. واهتمّ بتدبير الدولة اهتماما زائدا. وأنفق في بيت السلطان جامكية (٢*) شهر، وحمل إلى الحوائج خاناه (٣*) ما يحتاج إليه من السكّر والقلوبات (٤*) والزيت ونحو ذلك من الأصناف.

وكتب له في تقليد الوزارة «الجناب العالي» ولم تكتب لوزير قبله، وحمل التقليد إليه القاضي علاء الدين علي بن فضل الله فخرج إلى لقائه وبالغ في إكرامه وبعث إليه بتقاديم جليلة.


(١) وزير بغداد: نجم الدين محمود بن علي بن شروين. قدم من بغداد إلى القاهرة فولي الوزارة ثلاث مرّات. وقتل بغزّة سنة ٧٤٨ (السلوك ٢/ ٧٥٥).
(٢) استيفاء الصحبة: «هذا الديوان هو أرفع دواوين الأموال، وفيه تثبت التواقيع والمراسيم السلطانيّة. وصاحبه يتحدّث في جميع المملكة مصرا وشاما، ويكتب مراسيم يعلّم عليها السلطان» (صبح الأعشى ٤/ ٢٩).
(١*) شدّ الوسط: قال ناشر السلوك المرحوم محمد مصطفى زيادة ٢/ ٦٦٣ هامش ٣: لعلّها تعني تقليد الإمارة.
وفي الصبح ٥/ ٣٤ و ٤/ ٤٠: «أرباب السلطان [يلبسون] القباء الإسلاميّ يشدّ عليه السّيف من اليسار».
وسمّاها أيضا «مناطق مشدودة» وأيضا «الحياصة» فضّة وحتى ذهب. (قال) ولا ترصّع المناطق بالجواهر إلّا في خلع السلطان لأكابر الأمراء.
(٢*) الجامكيّة ج جوامك: الراتب المقرّر والجراية في كلّ شهر (صبح ١١/ ٤٢، ١٤/ ٣٩٨) فالمقاتلة لهم جامكيّة شهرية من الدينارين إلى العشرين (صبح ٣/ ٥١٩).
(٣*) الحوائج خاناه: ومعناها بيت الحوائج، منها يصرف اللحم للمطبخ السلطني والدور السلطانيّة ورواتب الأمراء والمماليك وسائر الجند ... وكذلك توابل الطعام، والزيت للوقود، والحبوب ... وهي من أوسع جهات الصرف (صبح، ٤/ ١٢).
(٤*) القلوبات: المكسّرات المقشورة (كالجوز واللوز): السلوك ٢/ ٨٢٩ هـ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>