للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنين إلّا ذخيرة: خبّأتك لهذا اليوم!

ونزل ومعه الحجّاب وأرباب الوظائف إلى قاعة الوزارة بالقلعة وجلس في الشبّاك على عادة الوزراء [١٨٩ أ] وكان قد أغلق بعد عزله فلم يفتح حتى عاد، ولا جلس فيه وزير غيره- واستقرّ معه في نظر النظّار شرف الدين إبراهيم بن زنبور مستوفي الصحبة شريكا لموفّق الدين- ثمّ نزل إلى داره، فكان يوما مشهودا. وبثّ الرسل في طلب أتباع كريم الدين والزامه، وصادرهم.

فولّى السلطان الأمير مغلطاي الجمالي الأستاداريّة، وانضمّ إليه المجد ابن لقينة (١) ناظر البيوت في عدّة من الكتّاب، وأغروه بابن الغنّام ونسبوه إلى العجز، وأنّ الأحوال معه واقفة، وهو يعرّف السلطان ذلك، ويشير عليه بأن يولّي الوزارة تركيّا وهو يقول له: اصبر حتى أعرّفك ما تعمل.

فلمّا أكثر عليه في ذلك اتّفق معه على إقامة الأمير علاء الدين مغلطاي الأستادار في الوزارة، وقال له: اخرج ونفّذ أشغالك إلى آخر النهار، ثمّ انزل إلى بيتك، وأعلم الناس أنّ الوزير مغلطاي.

فخرج إلى قاعة الصاحب بالقلعة وأمر ونهى، وكتب وأطلق ورتّب حتى مضى النهار. وركب إلى بيته بالفوانيس والمشاعل على العادة، والناس بين يديه حتى نزل عن بغلته [ف] قال للمستوفين والنظّار وشادّ الدواوين والمقدّمين: يا جماعة، مسّاكم الله بالخير، وزيركم غدا الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي.

فكان ذلك عزلا لم يعزله وزير غيره. وأصبح

يوم الخميس ثامن شهر رمضان سنة أربع وعشرين فاستدعي مغلطاي الجمالي وخلع عليه للوزارة عوضا عن ابن الغنّام، مضافا للأستاداريّة. ولزم ابن الغنّام داره يأكل مرتّبه إلى ذي القعدة منها، فألزم هو والموفّق ناظر الدولة بمائة ألف درهم عن ثمن كتاب من الجيزة لزمهما بحكم الديوان خصّ ابن الغنّام منها مبلغ خمسين ألفا، وخصّ الموفّق مبلغ خمسة وعشرين ألفا، فأخذ ذلك كلّه من جوامك المباشرين كلّهم، ما بين كاتب ومعامل، عناية بهما.

ثم طلب في سابع شوّال سنة ثمان وعشرين، وخلع عليه وعلى مجد الدين ابن لقينة بغير طرحات (١*). واستقرّا في نظر الدولة والصحبة.

وكتب استثمار قرئ على السلطان بما استقرّ عليه الحال فوفّر فيه كثيرا من جوامك المباشرين والغلمان، وقطع منهم عدّة.

ثمّ صرف بعد أربعين يوما وأقام بطّالا حتى طلب وخلع عليه في صفر سنة ثلاث وثلاثين لنظر الشام وما بها من الخاصّ عوضا عن الشمس غبريال (٢*).

ثمّ أحضر بعد قتل النّشو [شرف الدين عبد الوهّاب] إلى القاهرة في ثامن عشر صفر سنة أربعين، واجتمع بالسلطان من الغد، وخلع عليه وأمره بلزوم داره. وولّى عوضه في نظر الشام ابن الحرّاني. فأقام بداره بطّالا حتى قبض عليه في سنة إحدى وأربعين وعلى ولديه تاج الدين أحمد ناظر الدولة، وأخيه كريم الدين مستوفي الدولة.

وضربوا وأخذت أموالهم.

ثمّ قتل خنقا في يوم الجمعة رابع جمادى


(١) إبراهيم بن لقينة ناظر الدولة (ت ٧٣١): له ترجمة في المقفّى: رقم ٢٩٩. وانظر الخطط ٢/ ٣٩٢.
(١*) الطرحة: منديل للرقبة (دوزي).
(٢*) شمس الدين غبريال (ت ٧٣٤): المنهل الصافي. وانظر السلوك، ٢/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>