للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متاعه فأبى عليه فقام في الحجر فقال: يا للرجل المظلوم بضاعته! [البسيط]:

يا لقصيّ لمظلوم بضاعته ... ببطن مكّة نائي الدار والنفر (١)

وأشعث محرم لم تقض حرمته ... بين المقام وبين الركن والحجر

أقائم في بني سهم يذمّهم ... أم ذاهب في ضلال مال معتمر؟

إنّ الحرام لمن تمّت كرامته ... ولا حرام لثوب الفاجر الغدر

(قال) وقال بعض العلماء: إنّ قيس بن شيبة السلميّ باع متاعا من أميّة بن خلف فلواه وذهب بحقّه فاستجار برجل من بني جمح فلم يقوموا بجواره فقال [الرجز]:

يال قصيّ كيف هذا في الحرم ... وحرمة البيت وأعلاق الكرم

أظلم لا يمنع منّي من ظلم

(قال) وبلغ الخبر عبّاس بن مرداس فقال [١٩٢ ب] [البسيط] (٢):

إن كان جارك لم تنفعك ذمّته ... وقد شربت بكأس العلّ أنفاسا

فأت البيوت وكن من أهلها صدرا ... لا تلق ناديهم فحشا ولا بأسا

وثمّ كن بفناء البيت معتصما ... تلق ابن حرب وتلق المرء عبّاسا

قومي قريش وأحلافي ذؤابتها ... بالمجد والحزم ما حلّا وما ساسا

ساقي الحجيج وهذا [ ..... ] ... والمجد يورث أخماسا وأسداسا

فقام العبّاس بن مرداس وأبو سفيان بن حرب حتّى ردّا عليه متاعه. واجتمعت بطون قريش فتحالفوا على ردّ الظالم بمكّة، وألّا يظلم أحد بمكّة إلّا منعوه وأخذوا له حقّه. وكان حلفهم في دار عبد الله بن جدعان. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

شهدت حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحبّ أنّ لي [به] حمر النّعم، ولو دعيت له لأجبت.

وقال قوم من قريش: هذا والله أفضل الحلف، فسمّي حلف الفضول.

(قال) وقال آخرون: تحالفوا على مثل حلف تحالف عليه قوم من جرهم في هذا الأمر لا يقرّون ظالما بمكّة إلّا غيّروه، وأسماؤهم:

الفضل بن شراعة،

والفضل بن قضاعة،

والفضل بن سماعة.

وعن محمّد بن شهاب الزهريّ قال: كان شأن حلف الفضول أنّ رجلا من بني زيد قدم مكّة معتمرا في الجاهليّة، ومعه تجارة له، فاشتراها منه رجل من بني سهم فآواها إلى بيته. ثمّ إنّه تغيّب فابتغى الزيديّ متاعه فلم يقدر عليه. فجاء إلى بني سهم يستعديهم عليه فأغلظوا له، فعرف أن لا سبيل إلى ماله، فطوّف في قبائل قريش يستعين بهم، فتخاذلت القبائل عنه. فلمّا رأى ذلك أشرف على أبي قبيس حين أخذت قريش مجالسها في المسجد الحرام وقال: يا آل فهر لمظلوم بضاعته ... الأبيات الثلاثة. فلمّا نزل أعظمت قريش ذلك فتكلّمت فيه فقال المطيّبون (١*): والله لئن قمنا ليغضبنّ الأحلاف.


(١) سيرة ابن هشام ١/ ١٣٣ هـ ١ - الروض الأنف ٢/ ٧٢: يا آل فهر.
(٢) انظر ديوان العبّاس بن مرداس تحقيق يحيى الجبوري ص ص ٧٤ - ٧٥ بغداد ١٩٦٨.
(١*) المطيّبون: بنو عبد مناف، ومعهم بنو الحارث وبنو زهرة وبنو تيم بن مرّة وبنو أسد: غمسوا أيديهم في جفنة طيب فسمّوا بهذا الاسم (الروض الأنف ٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>