للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليهم شيئا من المحرّمات، وأباح لهم نكاح الأمّهات والأخوات. وقال: إنّما هذه العبادات عذاب على الأمّة وأهل الظاهر، وهي ساقطة عن الخاصّة، وإنّ آدم وجميع الأنبياء كذّابون محتالون طلّاب الرئاسة- ولمّا كان في أيّام بني العبّاس اشتدّت شوكتهم مع أبي الخطّاب وأصحابه لانتحالهم التشيّع لبني هاشم، وحماهم بنو العبّاس. فلمّا قامت البيّنة عليهم في الكوفة، وأنّ أبا الخطّاب أسقط العبادات [٢١٤ أ] وحلّل المحرّمات، أخذه عيسى بن موسى الهاشميّ مع سبعين من أصحابه فضرب أعناقهم. وتفرّق باقيهم في البلاد فصار منهم جماعة في نواحي خراسان والهند وصار أبو شاكر ميمون [بن ديصان] بن سعيد الغضبان إلى بيت المقدس مع جماعة من أصحابه وأخذوا في تعليم الشعبذة والنارنجات ومعرفة الزّرق (١) وصفة النجوم والكيمياء، وإظهار الزهد والورع. ونشأ لأبي شاكر ميمون ابن يقال له عبد الله القدّاح، وعرّفه هذه النحلة وإظهار التشيّع. وكان قد ثار في أيّام المأمون مع إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وادّعوا التشيّع في الكرج (٢) وفي أصبهان. وكان من جملتهم رجل يعرف بمحمّد بن الحسين بن جهار لختان (٣)

ويلقّب بديدان، وكان بنواحي الكرج وأصبهان له حال واسعة، وكان يبغض العرب. وسمع عبد الله بن ميمون القدّاح به فسار إليه. وكان عبد الله يتعاطى الطبّ وعلاج العين ويقدح (١*) الماء النازل بها، ويظهر أنّه يفعل ذلك حسبة وقربة إلى الله تعالى، فطار له بهذا اسم في نواحي أصبهان والجبل. وسمع به ديدان فأحضره، وأظهر له عبد الله مساويء العرب فأحبّه، وأخذ منه مالا عظيما. وخرج عبد الله القدّاح إلى سواد الكوفة ومعه المال، وبثّ الدعاة، ومات. وقام ابنه أحمد مقامه وبثّ الدعاة، واستدعى رجلا من أهل الكوفة يقال له رستم أبو الحسين بن الكرخين بن حوشب بن زادان النجّار. وكان هذا الرجل من الإماميّة يقول بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق، فنقله إلى القول بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق. وكانوا يرصدون من يرد المشاهد بالعراق وكربلاء، فمن كان لهم فيه طمع استدعوه. وورد عليهم أبو الحسن محمد بن الفضل (٢*) من أهل جيشان من أرض اليمن فدخل، وهو يبكي، على الحسين بن علي رضي الله عنه، فصبروا عليه حتّى خرج من زيارته، وأخذ الداعي بيده فقال له: قد رأيت ما كان منك من البكاء


(١) الزّرق مفرده: زرقة وهي «خرزة يؤخّذ بها الرجال.
والتأخيذ: حبس السواحر أزواجهنّ عن غيرهنّ من النساء» (اللسان: زرق وأخذ). وفي الكامل، ٦/ ١٢٦:
والزور عوض: والزرق. أمّا النارنجات أو النيرجات كما في الفهرست لابن النديم، ص ٣٧٣ فهي أعمال السحر والطلاسم. وفي اللسان (نرج): «النّيرج: أخذ تشبه السّحر، وليست بحقيقته. والأخذة: رقية أو خرزة تؤخذ بها النساء الرجال».
(٢) في الأصل: الكرخ. والصحيح: الكرج بفتحتين والجيم وهي، حسب ياقوت، مدينة بين أصبهان وهمذان. وهي قراءة فانيان والشيّال.
(٣) في المخطوط: جهان بحبار، بدون تنقيط. وأخذنا بقراءة-
- برنارد لويس: أصول ... ١٥٨ حيث قال إنّه اسم فارسي غريب عن المؤلّفين العرب، وأنّه اسم الرجل الذي موّل الحركة الباطنيّة.
(١*) «قدح الطبيب العين: أخرج منها الماء المنصبّ إليها من الداخل». فهذا التفسير الحرفيّ لصفة «قدّاح» يخالف التفسير «الباطني» الذي يدلي به المعزّ في المجالس والمسايرات، ٤١١: «هو الميمون المبارك السعيد، قادح زناد الحقّ، موري نور الحكمة». وقد قالوا أيضا القدّاح هو باري القداح، أي السهام.
(٢*) هو علي بن الفضل الجيشاني الذي مرّ ذكره في كلام النعمان، وكنية «أبو الحسن» - أو أبو الحسين كما في المخطوط- أوفق لعليّ منها لمحمّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>