للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقلق على صاحب هذا القبر. فلو أدركته ما كنت تصنع؟

قال: كنت أجاهد بين يديه وأبذل مالي ودمي دونه.

فقال: أتظنّ أنّه ما بقي لله حجّة (١) بعد صاحب هذا القبر؟

قال: بلى، ولكن لا أعرفه بعينه.

قال: فتريده؟

قال: أي والله.

فسكت عنه الداعي. فقال له: ما قلت لي هذا القول إلّا وأنت عارف به.

فسكت [٢١٤ ب] الداعي، فقوي ظنّ ابن الفضل بأنّ الرجل يعرف الإمام والحجّة، فألحّ عليه، فقال له: دعني أفكّر، واطلب واصبر ولا تعجل، وأقم، فإنّ هذا الأمر لا يتمّ بالعجلة، ولا بدّ له من صبر.

(قال) فمضى الداعي إلى ابن القدّاح وعرّفه حال ابن الفضل فأخذه وجمع بينه وبين أحمد ابن القدّاح. وكان أحمد أبدا يقول للحسن بن حوشب (٢): «هل لك في غربة في الله؟ » فيقول:

«الأمر إليك يا سيّدي». فلمّا اجتمع بابن الفضل، قال له: «قد جاء [ما] كنت تريد يا أبا القاسم: هذا رجل من أهل اليمن، وهو عظيم الشأن كثير المال ومن الشيعة، وقد أمكنك ما تريد، وثمّة خلق من الشيعة فاخرج وعرّفهم أنّك رسول المهديّ، وأنّه في هذا الزمان يخرج من اليمن، واجمع المال والرجال، والزم الصوم والصلاة والتقشّف».

وجمع بينه وبين ابن الفضل وأخرجه معه وقال:

«يا أبا القاسم، الزم الباطن وقل: لكلّ شيء باطن. وإن ورد عليك شيء لا تعلمه فقل: لهذا من يعلمه وليس هذا وقت ذكره».

وخرجا إلى أرض اليمن، ونزل ابن حوشب بعدن، وفيها قوم يعرفون ببني موسى، وخبرهم عند ابن القدّاح. فلمّا قدم ابن حوشب اجتمعوا به وقالوا له: أنت رسول المهديّ ونحن إخوانك.

ولم يزل ابن حوشب يقوى وأخباره ترد على من بالكوفة من الإماميّة فيبادرون إليه ويقول بعضهم لبعض: دار الهجرة. فكثر عددهم واشتدّ بأسهم. وكانوا قد نفّذوا إلى المغرب رجلين أحدهما يعرف بالحلوانيّ والآخر يعرف بأبي سفيان. وتقدّموا إليهما بالوصول إلى أقاصي المغرب والبعد عن المدن والمنابر، وقالوا لهما:

ينزل كلّ واحد منكما بعيدا عن صاحبه وقولا: قد قيل لنا: اذهبا فالمغرب أرض بور فاحرثاها واكرباها (١*) حتى يجيء صاحب البذر. فنزل أحدهما بأرض كتامة بمدينة تسمّى مرمجنّة، والآخر بسوجمار (٢*)، فمالت قلوب أهل تلك النواحي إليهما. وماتا على قرب بينهما.

فقال ابن حوشب لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن زكريا الشيعيّ- وقد كان هاجر إلى ابن حوشب-: «يا أبا عبد الله، أرض كتامة من المغرب قد حرثها الحلوانيّ وأبو سفيان، وقد ماتا، وليس لها غيرك. فبادر فإنّها موطّأة ممهّدة لك! » فخرج أبو عبد الله.


(١) الحجّة: مصطلح إسماعيليّ آخر بمعنى: الخليفة والنائب والوصيّ.
(٢) في المخطوط: للحسين، وهو الحسن بن فرح بن حوشب كما مرّ.
(١*) كرب الأرض (باب نصر): حفرها وقلبها.
(٢*) سوق حمّاد في المخطوط، ونزل أبو سفيان ب «تالا» من أرض مرماجنّة. شرح الأخبار ٣/ ٤١٢. وقد عرّفنا بسوجمار في عيون الأخبار، ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>