للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عهد معاوية لابنه يزيد ودعا الناس إلى بيعته بولاية العهد من بعده قال ابن عمر لمعاوية: أبايعك على أنّي أدخل فيما تجتمع عليه الأمّة. فو الله لو اجتمعت على حبشيّ لدخلت معها.

ثم عاد إلى منزله فأغلق بابه فلم يأذن لأحد.

فلمّا مات معاوية بعث إليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أمير المدينة ليبايع ليزيد بن معاوية، فقال:

«إذا بايع الناس بايعت». فتركوه وكانوا لا يتخوّفونه.

وقيل إنّ ابن عمر كان بمكّة هو وعبد الله بن عبّاس، فلمّا عادا إلى المدينة لقيهما الحسين بن عليّ وعبد الله بن الزبير فسألاهما: ما وراءكما؟

فقالا: موت معاوية وبيعة يزيد.

فقال ابن عمر: لا تفرّقا جماعة المسلمين!

وقدم هو وابن عبّاس المدينة، فلمّا بايع الناس بايعا.

ومات عبد الله بن عمر بمكّة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل عبد الله بن الزبير بنحو ثلاثة أشهر- وقيل ستّة أشهر- وأوصى أن يدفن في الخلّ (١) فلم يقدر على ذلك من أجل الحجّاج، ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين.

وكان الحجّاج قد أمر رجلا فسمّ زجّ رمحه وزحمه في الطريق ووضع الزجّ في ظهر قدمه.

وذلك أنّ الحجّاج خطب يوما وأخّر الصلاة فقال ابن عمر: إنّ الشمس لا تنتظرك.

فقال له الحجّاج: لقد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك.

قال: إن تفعل فإنّك سفيه مسلّط.

وقيل إنّه أخفى قوله ذلك عن الحجّاج ولم يسمعه.

وكان يتقدّمه في المواقيت بعرفة وغيرها إلى المواضع التي كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقف فيها، فكان ذلك يعزّ على الحجّاج، فأمر رجلا معه حربة يقال إنّها كانت مسمومة. فلمّا دفع الناس في عرفة لصق به ذلك الرجل فأمرّ الحربة على قدمه وهي في غرز راحلته فمرض منها أيّاما فدخل عليه الحجّاج يعوده فقال: من فعل بك يا أبا عبد الرحمن؟

فقال: وما تصنع به؟

قال: قتلني الله إن لم أقتله!

قال: ما أراك فاعلا: أنت الذي أمرت الذي نخسني بالحربة!

قال: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن!

وخرج عنه.

وروي أنّه قال للحجّاج إذ قال له: من فعل بك؟

قال: أنت أمرت بإدخال السلاح في الحرم.

فلبث أيّاما ومات. وصلّى عليه الحجّاج.

وقد روي عنه أنّه قال: ما آسى (١*) على شيء

من الأشياء إلّا أنّي لم أقاتل مع عليّ الفئة الباغية.

وقيل لعبد الله بن عمر: لو دعوت الله لنا بدعوات؟

فقال: اللهم ارحمنا وعافنا وارزقنا.

فقال له الرجل: لو زدتنا يا أبا عبد الرحمن؟

قال: نعوذ [٢٥١ ب] بالله من الإسهاب!

وقد روى عبد الله بن عمر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأكثر. وروى عن أبي بكر، وبلال، وصهيب، وطائفة من الصحابة رضي الله عنهم.

وروى عنه بنوه، سالم وحمزة وعبيد الله، وبلال، وزيد، وعبيد الله، وعمر، وحفيده


(١) الخلّ بين مكّة والمدينة (ياقوت) إن ثبتت قراءتنا.
(١*) أسي يأسى أسى: حزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>