للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يجلس إليه. وكان الشافعيّ سخيّا، فلمّا فرغ من الأكل، قال الرجل للشافعيّ: ما تقول في آكل الفجاءة؟

فلوى عنقه وقال: هلّا كان السؤال قبل أن تأكل؟

*** وقال المزنيّ: كنت مع الشافعيّ يوما فخرجنا إلى الأكوام (١) فمرّ بهدف وإذا برجل يرمي بقوس عربيّة، فوقف عليه ينظر، وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم، فقال له الشافعيّ: أحسنت- وبرّك عليه. ثمّ قال: أمعك شيء؟

قلت: معي ثلاثة دنانير.

فقال: أعطها إيّاه واعذرني عنده إذ لم يحضرني غيرها.

وقال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعيّ، فقال لي: يا ربيع، أعطه أربعة دنانير واعذرني عنده.

وفي رواية: مسك رجل للشافعيّ الركاب فقال [١٧٠ أ]: يا ربيع، أعطه خمسة دنانير، واعتذر لنا عنده. (قال الربيع: ) فأعطيته، ولو دفع إليه خمسة دراهم لكان كثيرا، ولكنّ نفس الشافعيّ واسعة.

قال: وكان الشافعيّ راكب حمار، فمرّ على سوق الحذّائين فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذّائين فأخذ السوط ومسحه بكمّه وناوله إيّاه. فقال الشافعيّ لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك إلى هذا الفتى.

قال الربيع: فلست أدري كانت تسعة دنانير أو سبعة.

*** قال الربيع: تزوّجت فسألني الشافعيّ: كم أصدقتها؟

قلت: ثلاثين دينارا.

قال: وكم أعطيتها.

قلت: ستّة دنانير.

فصعد داره وأرسل إليّ بصرّة فيها أربعة وعشرون دينارا.

*** وقال الربيع: كان الشافعيّ به هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوّة بحلبة فكان يقعد عليها.

فإذا ركب أخذت تلك اللّبدة (٢) ومشيت خلف حماره. فبينا هو يمرّ إلى منزله ناوله إنسان رقعة فيها: إنّني رجل بقّال أبيع البقلة، ورأس مالي درهم، وتزوّجت امرأة وأريد أن أدخل بها، وليس لي إلّا ذلك الدرهم: تعينني بشيء.

فقال: يا ربيع، أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده!

فقلت: أصلحك الله، إنّ هذا يكفيه عشرة دراهم.

قال: ويحك يا ربيع! وما نصنع بثلاثين دينارا؟

أفي كذا أم في كذا؟ - يعدّ ما يصنع في جهازه- أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده!

*** وقال الربيع: ولدت لنا شاة في زمان ليس فيه لبأ. فأمرت بلبئها فعمل. ثم تركته حتى برد واستحكم. وصفيّته في جام ولفقته في منديل ديبقيّ وختمته، وأنفذته إلى الشافعي لأتحفه به.

فأعجبه وقبله وردّ عليّ الجام وفيه مائة دينار عينا.


(١) الكومة بالضمّ والفتح: الهضبة.
(٢) اللبدة بالضمّ والكسر: الصوف المتلبّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>