للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكتاب شرح السنّة، وهو لطيف، بيّن فيه مذهبه وما يدين الله به، على ما مضى عليه الصحابة والتابعون وفقهاء الأمصار.

وكتاب المسند المخرج يأتي على جميع ما رواه الصحابة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من صحيح وسقيم، ولم يتمّه.

ولمّا بلغه أنّ أبا بكر ابن أبي داود السجستانيّ تكلّم في حديث غدير خمّ، عمل كتاب الفضائل، فبدأ بفضل أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، وتكلّم على تصحيح غدير خمّ، واحتج لتصحيحه، وأتى من فضائل عليّ بن أبي طالب بما انتهى إليه، ولم يتمّ الكتاب.

وكان ممّن لا تأخذه في دين الله لومة لائم.

وحكى أنّه استخار الله وسأله الإعانة على تصنيف التفسير ثلاث سنين فأعانه.

وروى القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعيّ قال: نا عليّ بن نضر بن الصبّاح التغلبيّ: ثنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم ابن عقيل الورّاق، أنّ أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟

قالوا: كم يكون قدره؟

فقال: ثلاثون ألف ورقة.

فقالوا: هذا ممّا تفنى الأعمار قبل تمامه.

فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. وقال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟

قالوا: كم قدره؟

[١٨٤ أ] فذكر نحوا مما ذكره من التفسير.

فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنّا لله! ماتت الهمم! - فاختصره في نحو مما اختصر التفسير.

وقال أبو بكر الخطيب عن القاضي ابن كامل:

أربعة كنت أحبّ بقاءهم: أبو جعفر الطبريّ، والبربريّ، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة والمعمريّ، فما رأيت أفهم ولا أحفظ.

ومولد أبي جعفر في سنة أربع وعشرين ومائتين بآمل (١)، ووفاته ببغداد يوم السبت، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره، لأربع بقين من شوّال سنة عشر وثلاثمائة- وقيل: توفّي عشيّة الأحد ليومين بقيا من شوّال، ودفن يوم الاثنين- ولم يتغيّر شيبه وكان السواد في رأسه ولحيته كثيرا. وكان أسمر إلى الأدمة، أعين نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان. ولم يؤذّن به أحد. واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلّا الله. وصلّى علىقبره عدّة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب.

وقيل: إنّه دفن بمصر بسفح المقطّم من القرافة، وليس بصحيح.

قال الفرغانيّ: وكان عالما زاهدا ورعا فاضلا، متقنا لقراءة حمزة الزيّات.

ومن طريف فتاويه أنّ رجلا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا بتاتا لا خاطبتني بشيء إلّا خاطبتك مثله.

فقالت له في الحال: أنت طالق ثلاثا بتاتا.

فأفتاه فقهاء بغداد بأنّها لا بدّ أن تطلّق وأنّ عليه أن يجيبها بمثل ما قالت فتصير بذلك طالقا. فدلّه شخص على أبي جعفر فجاءه وأخبره بما جرى عليه. فقال له: امض ولا تعاود الأيمان وأقم على زوجك بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا بتاتا إن أنا طلّقتك- فتكون قد خاطبتها ما خاطبتك به فوفيت بيمينك ولم تطلّقها.


(١) قال ياقوت: أكبر مدينة بطبرستان، والنسبة إليها: آملي.
وذكر محمد بن جرير ونزّهه عن الرفض فقال: وإنّما حسدته الحنابلة فرموه بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>