للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأولى سنة إحدى وثلاثين، وأخذ على جميع القوّاد البيعة لابنه أبي القاسم أونوجور في يوم الخميس الثامن والعشرين من ذي القعدة منها.

وقدم الخبر بورود المتّقي لله إلى الشام، ومعه بنو حمدان، فأخرج الإخشيد مضاربه، وسار إلى لقائه يوم الأربعاء سادس رمضان سنة ثنتين وثلاثين [وثلاثمائة]، فبلغ الرقّة ولقي أمير المؤمنين المتّقي بالله في منتصف المحرّم سنة ثلاث وثلاثين [وثلاثمائة].

وحمل إليه من حلب مائة ألف دينار سوى الآلات والثياب. وحمل إلى الوزير أبي الحسن عليّ بن محمّد بن مقلة (١) ثلاثين ألف دينار، وإلى الحاجب أبي العبّاس أحمد بن خاقان عشرين ألف دينار، وإلى القاضي الخرقي وسائر الحجّاب والخدم.

وكان قدوم الإخشيد عليه بكتابه إليه (٢) وهو يشكو فيه حاله ويستقدمه، فلمّا قدم عليه بالرقّة وقف بين يديه ومشى عند ركوبه، فأمره المتّقي بالركوب فلم يفعل، فألحّ عليه المتّقي وأكرمه وكنّاه وكنّى ابنه وجعله خليفة له. واجتهد المتّقي أن يسير معه إلى مصر، فأشار عليه بالمقام مكانه ولا يرجع إلى بغداد. وأشار على ابن مقلة أن يسير معه إلى مصر ليحكّمه في جميع البلاد، فلم يجبه.

فخوّفه من طوزون فلم يوافقه، وبعث رسلا إلى طوزون في الصلح، فحلّفوا طوزون للمتّقي وللوزير ابن مقلة، وكتبوا إليهما بذلك. فانحدر

المتّقي من الرقّة في الفرات إلى بغداد لأربع بقين من المحرّم [سنة ٣٣٣]. وعاد الإخشيد إلى مصر، فدخل الفسطاط يوم الاثنين لأربع خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.

وأتى الخبر أنّ المتّقي لمّا وصل إلى هيت (٣) - تلقّاه طوزون، وقبّل الأرض وقال: ها قد وفيت بيميني والطاعة لك. ثمّ وكّل به وبابن مقلة وبالجماعة، وأنزلهم في مضرب بنفسه. ثمّ كحّل المتّقي وأذهب عينيه (٤) ومضى به إلى بغداد.

وأحضر عبد الله ابن المكتفي ولقّبه المستكفي بالله (٥)، فكان ابن مقلة يقول: نصحني الإخشيد فلم أقبل نصيحته. وكان ورد الخبر ببيعة المستكفي إلى مصر يوم الجمعة سادس جمادى الآخرة [٣٣٣]. وورد الكتاب مع البيعة بإقرار الإخشيد على ما بيده.

وسار سيف الدولة عليّ بن حمدان إلى حلب، وبها أحمد (٦) بن سعيد الكلابي من قبل الإخشيد فملكها. وبلغ ذلك الإخشيد، فبعث فاتك وكافور بالجيوش إلى الشام. ثمّ خرج يوم السبت [٢٨٧ ب] لخمس خلون من شعبان سنة ثلاث وثلاثين يريد محاربة سيف الدولة، وقد سار إلى حمص وحارب كافورا وهزمه، وأخذ حمص وسار إلى دمشق فحصرها فلم يقدر عليها ورجع. فأدركه الإخشيد بأرض قنّسرين وقاتله، فلم يظفر أحدهما بالآخر، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة وعاد


(١) عليّ بن محمّد بن مقلة: هو ابن الوزير محمّد بن مقلة المشهور الذي وزر للمقتدر والقاهر والراضي (انظر فصل محمّد بن مقلة في دائرة المعارف الإسلاميّة). وعليّ بن مقلة وزر للمتّقي سنة وخمس أشهر (زامبارو ٩).
(٢) الخليفة هو الذي كاتب الإخشيد (انظر الكامل تحت سنة ٣٣٣).
(٣) هيت: بلدة على الفرات قريبة من بغداد، وتوقّف المتّقي بهيت وخرج طوزون من بغداد، فالتقى بالخليفة بالسنديّة (الكامل، سنة ٣٣٣)، والسنديّة باب بغداد (ابن سعيد ١/ ١٩٣).
(٤) في المخطوط: وعمي، وهو حشو.
(٥) المستكفي بالله: ٣٣٣، ٣٣٤.
(٦) الاسم مطموس وفي الكامل (سنة ٣٣٣) أن والي حلب هو يانس المؤنسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>