للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووردت عليه ولاية دمشق والزيادة في اسمه بلقب «الإخشيد» لكونه من أولاد ملوك فرغانة.

وهذا اللقب وضع لكلّ من ملك تلك الجهة، كما قيل لملك الترك «خاقان»، وملك فارس «كسرى»، وملك الروم «قيصر»، وملك الشام «هرقل»، وملك القبط «فرعون»، وملك اليمن «تبّع»، وملك الحبشة «نجاشي»، ونحو ذلك.

فدعي له بهذا اللقب على المنبر في شهر رمضان سنة سبع وعشرين [وثلاثمائة].

ووردت الأخبار بمسير محمّد بن رائق إلى الشام. ففرض الفروض (١)، وبعث بمراكبه إلى الشام وقدّم جيشا بين يديه، ثمّ سار إلى الشام في أوّل المحرّم سنة ثمان وعشرين [وثلاثمائة]، وقد ملك ابن رائق دمشق ووصل إلى الرملة. فنزل الفرما، فأتاه الحسن بن طاهر بن يحيى العلويّ يسأله الصلح، فبعث بعليّ بن محمّد بن كلا (٢) ليوافق ابن رائق على ذلك. [ف] تمّ الصلح بينهما على أن سلّم ابن رائق الرملة وخرج عنها. وعاد الأمير الإخشيد إلى مصر من الفرما، فدخل الفسطاط يوم الخميس مستهلّ جمادى الأولى [سنة ٣٢٨].

ثمّ إنّ ابن رائق نقض الصلح، وسار من دمشق إلى الرملة في شعبان منها، فبعث الإخشيد الجيوش إلى الرملة، وخرج يوم الأربعاء لستّ عشرة خلت من شعبان المذكور، فالتقى مع ابن رائق يوم الأربعاء للنصف من رمضان بالعريش، فكانت بينهما وقعة عظيمة واضطربت ميسرة

الإخشيد وانهزم من فيها. ثمّ كرّ عليهم الإخشيد بنفسه في خاصّته فهزمهم وأسر كثيرا منهم وأثخنهم قتلا وأسرا.

ومضى ابن رائق منهزما، والإخشيد يتبعه، إلى الرملة، فدخلها وبعث بالأسرى إلى الفسطاط فطيف بهم، وهم خمسمائة رجل في ثاني شوّال [سنة ٣٢٨].

وسار الحسن بن طغج من الرملة وكان باللّجون (٣) فأسرى عليه محمّد بن رائق فقتله في حادي عشر ذي القعدة [٣٢٨]. فبعث ابن رائق ابنه مزاحم بن محمّد بن رائق إلى الإخشيد فداء لأخيه الحسن، وبعث يعتذر إليه. فخلع عليه الإخشيد وأنفذه إلى أبيه (٤)، ووقع الصلح بينهما، فمضى ابن رائق إلى دمشق وعاد الإخشيد إلى مصر، فدخلها يوم الخميس ثالث المحرّم سنة تسع وعشرين.

ومات الراضي بالله، وبويع إبراهيم ابن المقتدر ولقّب «المتّقي لله» (٥)، فورد كتابه على الإخشيد بإقراره [٢٨٧ أ] على مصر، وضمّ إليه الشام والحجاز، وذلك في يوم الخميس لستّ بقين من شوّال سنة تسع وعشرين، فاتّسعت مملكته وعظم شأنه.

وقتل محمّد بن رائق في حروب بني حمدان بالموصل في شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة، فاتّسعت مملكة الإخشيد وعظم شأنه. وبعث بالجيوش إلى الشام مع علي بن محمّد بن كلا. ثمّ عسكر وسار إلى الشام لستّ خلون من شوّال، ثمّ قدم يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من جمادى


(١) فرض الفروض: أي انتدب الجند وجيّش الجيوش (انظر دوزي في المادّة).
(٢) عليّ بن محمّد بن كلا: «كاتب محمّد بن طغج ورسوله وثقته»، إلى أن غضب عليه وصادره في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة (ابن سعيد ١٦٥).
(٣) اللّجون: بلدة بالأردن، على عشرين ميلا من طبريّة (ياقوت). والحسن بن طغج أحد إخوة الإخشيد الستّة، وهو غير الحسين.
(٤) مرت هذه التفاصيل في ترجمة ابن رائق ٢٢٥٦.
(٥) المتّقي لله ٣٢٩ - ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>