للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتوفّي بدمشق في شوّال سنة إحدى وثلاثمائة.

وقيل: مات في سنة اثنتين وثلاثمائة.

ولمّا كان على قضاء دمشق عرض على القاضي أبي عبيد بن حرب سجلّه وسأل إمضاءه. فقال: ما صحّ عندي أنّه كان له عهد ولي به.

فأمسك الشهود إلّا علّان بن سليمان، فإنّه قال- وكان جريئا: قد كان قرأ علينا عهدا يشبه عهد القاضي، والله [٨٧ أ] أعلم بصحّة عهده وعهدك.

وقال الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقيّ: ولد للقاضي أبي زرعة ولد فسمّاه الحسين وكنّاه أبا عبد الله، ثمّ ولد له ولد آخر فسمّاه الحسن وكنّاه أبا محمّد. فسمعت أبا زرعة وهو يفتخر بهذا ويتبجّح (قال) فكتبت رقعة ودفعتها إليه، أقول فيها: سمّى القاضي ابنيه الحسن والحسين وكنّاهما بكناهما، ولو عقّ عنهما معاوية وعمرا ما كان إلّا ناصبيّا (١).

وكان مهد ولده الحسين إلى جانب قمطره، والشهود حوله. فإذا تحرّك صاح بالداية: الحقي حسينا! - فتأتي ترضعه وهو ينظر إليه.

وكان أبو زرعة يرقي من وجع الضرس ويقرأ عليه، ويدفع إلى صاحبه حشيشة توضع عليه فيسكن، ويستغني طالب الحشيشة بدخول داره عن الحشيشة وتهدأ ضرسه بدخول الدار، ويكون أخذه الحشيشة فضلا. وكان له سنّور يمسحه وهو ينظر إلى الحضور.

وحصل لأبي زنبور أحمد بن الحسين الماذرائيّ

ألم بضرسه فدخل على أبي زرعة ليرقيه. فوضع رأسه في حجره وقال: تدع شيئا حتى أرقيك ولا يعود إليك الألم.

قال: ايش الذي ترى؟

قال: تدع الكذب!

فقال أبو زنبور: سبحان الله، أيّد الله القاضي!

قال: الذي عندي قد قلته.

قال: [أفعل.

فرقاه. فلمّا فرغ قال له: سكن الوجع؟

قال: لا.

قال: سبحان الله.

فقال] أبو زنبور: القاضي قال لي: أدع الكذب، فكرهت أن أكذب.

فخجل أبو زرعة وقال: الله المستعان.

وزوّج أبو زرعة ابنه الحسين من ابنة أبي زنبور، فكان إملاكا عظيما. وذلك أنّ أبا زنبور كتب أسامي مائة نفس في درج ووعدهم بأن يكونوا عنده قبل صلاة الصبح، فجاء المائة، وخرج إليهم مائة غلام بمائة مدخنة ومائة نضّاح ماء ورد ومائة قدح غالية ومائة مرآة ومائة مشط. ثمّ قرئ الكتاب وعقد النكاح. وخرج مائة غلام بمائة طشت ومائة إبريق ومائة منديل، وغسلوا عشر موائد، فجلس كلّ عشرة على مائدة، فأكلوا. ثمّ خرج مائة غلام بمائة طشت ومائة إبريق ومائة مجمع ومائة منديل فغسلوا أيديهم. ثمّ خرج مائة غلام بمائة مدخنة ومائة درج ومائة نضّاح ماء ورد [٨٧ ب] ومائة منديل ومائة مرآة، لا أدري أهي الأولى أم غيرها، فتبخّروا. وأخرجت مائة صينيّة فيها التماثيل وتماثيل الندّ والعنبر فألقيت في أكمام الناس. وأخذ العروس وأبوه أبو زرعة فأدخلا حجرة وخلع عليهما وبخّرا وحملا على دابّتين شاكريّ [ت] ين. وكان العرس أعظم من الإملاك.


(١) عند الكنديّ ٥٢١: كان يرمى بالنصب (أي بعداء الشيعة) وقال الصفديّ: وهو من موالي بني أميّة. فهذا الحكم لا يتماشى مع تقرّبه إلى الشيعة باختيار اسم السبطين لولديه وكنيتهما وافتخاره بذلك. ويزداد الغموض بعسر قراءة لو عقّ عنهما وقد قرأها ناشر الكندي: ولو عتق؟ ثمّ إنّ العقوق لا يتعدّى بعن. فيكون فهمنا لهذه الملحة/ اللغز: فحتّى لو عقّ عنهما- أي أبعد- خصمي عليّ، معاوية وعمرو بن العاص لم يخلص من تهمة النصب ويبقى عدوّا للشيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>