للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال) وكان أبو عبد الرحمن يؤثر لباس البرود النوبيّة الخضر، ويقول: هذا عوض عن الخضرة من النبات فيما يراد لقوّة البصر.

وكان يكثر الجماع مع صوم يوم وإفطار يوم. وكان له أربع زوجات يقسم لهنّ، ولا يخلو مع ذلك من جارية واثنتين يشتري الواحدة بالمائة دينار ونحوها، ويقسم لها كما يقسم للحرائر.

وكان قوته كلّ يوم رطل خبز جيّد، ولا يأكل غيره، صائما كان أو مفطرا، وكان يكثر أكل الديوك الكبار تشترى له وتسمّن وتذبح.

ويذكر أنّ ذلك ينفعه في باب الجماع.

وسمعت قوما ينكرون عليه كتاب الخصائص لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه [٨٣ أ] وترك فضائل الثلاثة رضي الله عنهم، ولم يكن في ذلك الوقت صنّفها. فحكيت له ما سمعت فقال: دخلنا إلى دمشق، والمنحرف عن عليّ كثير بها، فصنّفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله عزّ وجلّ.

ثمّ صنّف بعد ذلك فضائل الصحابة وقرأه عليه الناس.

وقيل له، وأنا حاضر: ألا تخرّج فضائل معاوية؟

فقال: أيّ شيء أخرّج؟ [ما أعرف له فضيلة إلّا حديث: ] (١) «اللهمّ لا تشبع بطنه! » -[سكت] السائل.

قال الحاكم: سمعت الدارقطنيّ يقول: كان النسائيّ أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح والسقيم، وأعلمهم بالرجال، فلمّا بلغ هذا المبلغ حسدوه، فخرج إلى الرملة، فسئل عن

فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع.

فقال: أخرجوني إلى مكّة.

فأخرجوه إلى مكّة وهو عليل. وتوفّي بها مقتولا شهيدا رحمه الله.

وقال الحاكم: فحدّثني محمد بن إسحاق الأصبهانيّ- يعني [أبا عبد الله] (٢) ابن مندة- قال:

سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أنّ أبا عبد الرحمن فارق مصر في أواخر عمره، وخرج إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية وما روي في فضائله، فقال:

ألا يرضى معاوية أن يروح رأسا برأس حتّى يفضّل؟

فما زالوا يدفعون في حضنيه- أي في جنبيه- حتى أخرج من المسجد. ثمّ حمل إلى مكّة فمات بها سنة ثلاث وثلاثمائة. وهو مدفون بها.

وقال أبو بكر الماذرائيّ: حدّثني الأمير أبو منصور تكين قال: قرأ عليّ أبو عبد الرحمن النسائيّ كتاب الخصائص. فقلت: حدّثني بفضائل معاوية. فجاءني بعد جمعة بورقة فيها حديثان.

فقلت: هذه بس؟

فقال: وليست بصحاح! هذه غرم معاوية عليها الدراهم.

فقلت له: أنت شيخ سوء! لا تجاورني!

فقال: ولا لي في جوارك حظّ! - وخرج.

وقال أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوّام [السعديّ] قاضي مصر: حدّثنا أحمد بن شعيب النسائيّ: حدّثنا إسحاق بن راهويه: حدّثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن مبارك: إنّ فلانا يقول: من زعم أنّ قوله تعالى: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه: ١٤]


(١) الزيادة من التذكرة ٦٩٩ والوفيات ١/ ٧٧.
(٢) من التذكرة ٧٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>