والحسن بن عليّ بن أبي بكر الخلّال، والخضر بن عبد الرحمن بن الخضر بن عبدان الدمشقيّ، وعبد الله بن مروان بن عبد الله الفارقيّ، وعليّ بن عثمان بن يحيى اللمتونيّ، وعمر بن عبد المنعم بن عمر ابن القوّاس، ومحمد بن حمزة بن عمر بن أبي عمر المقدسيّ، ومحمد بن سليمان بن شومر (١)، ومحمد بن عبد السلام بن المطهّر بن أبي عصرون، وأبي تغلب بن أحمد بن أبي تغلب القارونيّ، سمع عليهم في رحلته إلى دمشق.
[٢٤ ب] قال القطب عبد الكريم الحلبيّ: وكان أوحد زمانه في علوم شتّى.
وقال الصلاح خليل [بن أيبك] الصفديّ: لم أر له نظيرا في مجموعه وإتقانه وتفنّنه واستحضاره واطّلاعه. كلّ ما يعرفه يجيد فيه، من أصول، وحديث، وفقه، وأدب، ولغة، ونحو، وعروض، وأسماء رجال، وتاريخ، وشعر يحفظه للعرب والمولّدين والمتأخّرين، وطبّ وحكمة، ومعرفة الخطوط خصوصا خطوط المغاربة. وقد برع في كلّ ذلك ومهر. وإذا تحدّث في شيء من ذلك كلّه تكلّم على دقائق ذلك الفنّ وغوامضه ونكته، حتى يقول القائل: إنّما أفنى عمره في هذا الفنّ.
قال الشيخ تقيّ الدين السبكيّ: ما أعرف أحدا مثل الشيخ ركن الدين. ولمّا وقف على السيرة [«عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسّير»] التي ألّفها فتح الدين محمد ابن سيّد الناس، علّم فيها على مائة وعشرين موضعا. وكان يواقف ابن سيّد الناس في أسماء رجال، فإذا كشف عليها يظهر الصواب معه.
وصحّح عليه إنسان في أمالي القالي فكان يسابقه إلى ألفاظ الكتاب، فبهت ذلك الرجل فقال له: لي عشرون سنة ما كرّرت عليها.
وكان إذا أنشده أحد شعرا في أيّ معنى كان، أنشده هو في ذلك المعنى جملة من شعر المتقدّمين والمتأخّرين، كأنّه كان بالأمس يكرّر عليه.
وناب في الحكم عن القاضي المالكيّ مدّة، ثمّ ترك الحكم تديّنا، وقال: يتعذّر فيه براءة الذمّة.
ولم يسمع عنه أنّه ارتشى في حكمه ولا حابى فيه أحدا.
ودرّس بالمدرسة المنكوتمريّة بالقاهرة، ودرّس الطبّ بالمارستان.
وكان يدمن النظر في كتاب الشفاء لأبي عليّ ابن سينا لا يخلّ بالنظر فيه ليلة من الليالي، فلمّا قيل له: إلى متى تنظر فيه؟
قال: إنّما أريد أن أهتدي.
وكان فيه سأم وملل وضجر في بحثه وغالب أحواله حتّى في لعب الشطرنج، يكون في وسط الدست فينقضه ويقطع له صاحبه ويقول: سئمت! سئمت!
وكذلك في بعض الأوقات يكون في بحث، وقد حرّر تلك المسألة وكاد [ت] تتّضح، فيترك الكلام ويمضي.
وكان حسن التودّد، كثير الترداد إلى الناس، من غير احتياج إلى أحد. فإنّه كان له من المال نحو الخمسين ألف درهم فضّة. وكان يتصدّق سرّا في أناس مخصوصين.
وكان يلثغ بالراء لثغة قبيحة فيجعلها همزة.
وكان إذا رأى من يضرب كلبا يخاصمه وينهره
(١) هو الزواوي قاضي القضاة المالكيّة بدمشق (٧١١)، انظر ترجمته رقم ٢٣٠٤.