وقال أسعد بن أبي نصر الميهني: لا يصل إلى معرفة علم الغزالي وفضله إلّا من بلغ، أو كاد يبلغ، الكمال في عقله.
وقال القاضي أبو المعالي عبد الله بن محمد بن علي الميانجي الهمذاني: تحيّرت في أمري تحيّرا تنغّص معه العيش، حتّى دلّني دليل المتحيّرين على الطريق، وأمدّني كرمه بالمعرفة والتوفيق.
وعلى الجملة فما نعشني من سقطتي بعد الله إلّا كتب الإمام أبي حامد الغزالي، وكنت أتصفّحها قريبا من أربع سنين.
وقال أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني:
سمعت شيخنا محمّد بن يحيى يقول: الغزالي هو الشافعيّ الثانيّ.
قال ابن عساكر: كان إماما في علم الفقه مذهبا وخلافا، وفي أصول الديانات. وسمع صحيح البخاري من أبي سهل محمد بن عبد الله الحفصيّ.
وقال السمعاني فيه: من لم تر العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء وطبعا (قال): وما أظنّ أنّه حدّث بشيء، وإن حدّث فبيسير لأنّ رواية الحديث ما انتشرت عنه.
وقال محمد بن يحيى بن عبد المنعم العبدريّ المؤدّب: رأيت بالإسكندريّة في سنة خمسمائة، في أحد شهري المحرّم أو صفر، فيما يرى النائم، كأنّ الشمس طلعت من مغربها. فعبّر ذلك بعض المفسّرين ببدعة تحدث فيهم. فبعد أيّام [٤٥ أ] وصلت المراكب بإحراق كتب الغزالي بالمريّة.
والذي أحرقها علي بن يوسف بن تاشفين صاحب المغرب.
وقال الفقيه أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر العلويّ، وحلف بالله مرّات، أنّه أبصر في منامه كأنّه ينظر في كتب الغزالي، فإذا هي كلّها تصاوير.
وقال القاضي أبو حفص محمد بن أحمد الخطيب الزنجانيّ: حدّثني والدي أبو العبّاس قال: كنّا يوما في حلقة أبي حامد الغزالي، وقد جرى ذكر الحديث: «تعلّمنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلّا الله».
فأكثر الغزالي التعجّب وقال: أخبركم بعجب يشهد بصحّة هذا الحديث. والله: لقد مات والدي وخلّف لي ولأخي قدرا يسيرا ما بعد أن فني.
وبقينا بحيث تعذّر القوت علينا، وسرنا إلى بعض المدارس مظهرين طلب الفقه، وليس المراد سوى تحصيل القوت. وكان تعلّمنا العلم لذلك لا لله.
فأبى أن يكون إلّا لله.
وكان علماء المغرب يسمّونه «شيخ المثل»، يعنون الأمثال، لأنّه قلّما يذكر حالة إلا ويذكر لها مثالا، ولا سيّما في كتاب الإحياء.
وقال الإمام فخر الدين الرازي عن كتاب الإحياء: كأنّ الله جمع الوجود كلّه في قبّة، وأطلع الغزالي من قبّتها على أحوالهم الباطنة والظاهرة حتى تكلّم عليها.
وممّا عيب به قلّة اعتنائه بعلم النحو، وذكر له خلل وقع في كتبه فاعترف بأنّه ما مارس فنّ النحو، وأنّه اكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه.
وممّا نقم عليه ألفاظ وقعت له في كتاب كيمياء السعادة وغيره لا يوافق عليها.
وتكلّم فيه أبو الوليد الطرطوشي، وأبو عبد الله المازري بعظائم حاصلها أنّه تضلّع من الفلسفة، وعوّل على رسائل إخوان الصفاء، وعلى كلام أبي علي ابن سينا، وعوّل في التصوّف على أبي حيّان التوحيدي، لا سيّما في الكتاب المضنون به على