للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبض بعد ذلك على خمسة أمراء. وأنعم في يوم واحد على اثنين وثلاثين مملوكا ممّن كان معه بالكرك بإمرتات ما بين طبلخاناه وعشرات.

وأحضر إليه المظفّر بيبرس مقيّدا فقتله كما ذكر في ترجمته (١) بعد ما عدّد عليه ذنوبه. وأخذهم واحدا بعد واحد، ويؤمّر مماليكه بدلهم، إلى أن توحّد بدولته.

وأنشأ [الجامع الجديد] الناصري على شاطئ النيل بساحل مصر في سنة إحدى عشرة.

وجلس بدار العدل من قلعة الجبل في يوم الاثنين [عشرين جمادى الأولى] من السنة المذكورة [أي ٧١١] بعد ما دار النقباء على القضاة وسائر أهل الدولة بحضورهم ونودي بالقاهرة ومصر: من كانت له ظلامة فعليه بدار العدل- فخاف [الأمراء وغيرهم] وأدّوا ما عليهم من الحقوق. واستمرّ يجلس بدار [العدل كلّ يوم اثنين] ثمّ [ ... ] (٢) وخميس وجمعة القضاة والأمراء وتقرأ عليهم القصص، ويفصل المحاكمات بين المتخاصمين. فاستمرّ الأمر على ذلك مدّة أيّامه وبعده طول أيّام أولاده.

وفي شهر رجب [سنة ٧١١] أقام أبو يحيى زكريا بن أحمد بن محمد الهنتاتيّ اللحياني الخطبة للسلطان بمدينة طرابلس الغرب. [ولم يحدث هذا] قبله [لملك] من ملوك الترك.

وفيها سار السلطان إلى [بلاد الصعيد].

فلمّا كانت سنة ثنتي عشرة تحرّك خربندا بن أرغون بن هولاكو بن جنكز خان، وقد أغراه ببلاد الشام وأطمعه فيها قراسنقر نائب حلب وآقوش الأفرم نائب طرابلس ومهنّا بن عيسى أمير العرب

عند ما تسحّبوا إليه، وهم مغاضبون للسلطان.

ووصل إلى آمد. وقدم الخبر بذلك إلى السلطان مستهلّ شعبان، فتهيّأ للسفر، وعرض أجناد الحلقة بنفسه، وبعث الأمراء شيئا بعد شيء بمضافيها. وركب في ثاني شوّال، واستخلف على مصر الأمير أيتمش المحمديّ، وسار يريد دمشق.

فقدم البريد [في ثامن شوّال] برحيل خربندا من الرحبة عائدا إلى بلاده. فسرّ بذلك. وفرّق العساكر في عسقلان وقاقون (٣)، وتوجّه بطائفة إلى دمشق فدخلها في تاسع عشر شوّال وأقام بها إلى ثاني ذي القعدة. ورحل عنها يريد الكرك وقد أجمع أمره على الحجّ فقدمها في ثامنه. وسار منها في أربعين أميرا فحجّ ودخل المدينة النبويّة وسار على طريق الكرك فدخل دمشق يوم الثلاثاء حادي عشر المحرّم [سنة ٧١٣]، وقد ركب ناقة لطيفة وعليه بشت (٤) من صوف وعمامة بلثام كهيئة العرب، وبيده حربة، فكان لدخوله موقع عظيم في الناس، وحوله العلماء والصلحاء. فأقام بدمشق خمسة عشر يوما وخلع على الأمراء وصلّى بها الجمعة بجامع بني أميّة مرّتين.

وسار إلى القاهرة فقدم يوم الجمعة ثاني [١٠٠ ب] عشر صفر، واهتمّ بأمر العمارة [فعمّر الميدان تحت] قلعة الجبل، وغرس فيه الأشجار، ولعب فيه بالكرة. وأنشأ عدّة سواق تحمل الماء من النيل إلى القلعة. واهتمّ بعمل جسور الجيزة.

وراك البلاد الشاميّة، وندب لذلك [الأمير علم الدين سنجر الجاولي نائب غزّة، وابن معبد]، ومعين الدين هبة الله بن حشيش ناظر الجيش بالشام. فأقام الجاولي مع الأمير تنكز نائب الشام إلى أن تحرّرت الأوراق بعبرة البلاد ومتحصّلها


(١) ترجمة بيبرس مرّت برقم ١٠٠٤.
(٢) في هذه الصفحة مواضع لا تقرأ لأنّها غطّيت بمربّعات بيضاء ملصقة.
(٣) قاقون: حصن قرب الرملة (ياقوت).
(٤) البشت: عباءة من صوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>