للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعده على يوسف الدمشقي، وسمع بها من أبي الفتوح محمد بن الفضل بن محمد بن المعتمد الأسفرايينيّ، وأبي المكارم المبارك بن عليّ بن عبد العزيز، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون (١)، وأبي بكر أحمد بن عليّ بن عبد الواحد الدلّال، وجماعة كثيرة.

وقرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشّاب.

وسمع بأصفهان أبا سعد محمد بن الهيثم الأديب وغيره، وقرأ الخلاف، وعاد إلى بغداد.

وتصرّف في الأعمال الديوانيّة أيّام المقتفي والمستنجد. ومدح الخلفاء والوزراء. ورحل في آخر أيّام الخليفة المستنجد إلى دمشق، ومدح الملك العادل نور الدين محمود، وخدم كاتبا في ديوانه. ثمّ ولي الاستيفاء بجميع الأمور.

وقدم إلى القاهرة بعد موت نور الدين في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، [فاتّصل بصلاح الدين فاستكتبه] (٢) وصار من خواصّه. وسمعبالإسكندريّة على الحافظ السلفي، وأبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وحدّث. ولم يزل في خدمة السلطان إلى أن مات، فلزم منزله، واشتغل بتدريس الفقه والخلاف ورواية الحديث والأدب بدمشق إلى أن مات.

قال ابن النجّار: كان من العلماء المتقنين فقها وخلافا وأصولا ونحوا ولغة، وله معرفة بالتواريخ وأيّام الناس. وله في البلاغة والإنشاء والنظم والنثر اليد الطولى والباع الممتدّ. وإليه تشدّ الرحال في ذلك وعليه تعقد الخناصر وكان من محاسن الزمان لم تر العيون مثله.

وتوفّي بدمشق ليلة الاثنين مستهلّ شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ودفن بمقابر الصوفيّة.

وكان جامعا لفضائل من الفقه والآداب [١٠١ ب] والشعر الجيّد. وله اليد البيضاء في النثر والنظم، وهو طويل النفس في رسائله وقصائده. وصنّف تصانيف مفيدة منها: «خريدة القصر في محاسن أهل العصر»: عشر مجلّدات. وديوان شعره في ثماني مجلّدات. وديوان رسائله في أربع مجلّدات. وكتاب «خطفة البارق وعطفة الشارق» ثلاث مجلّدات. وكتاب «نصرة الفترة وعصرة القطرة» مجلّدان. وذيل الخريدة، مجلّدان.

وكتاب «عتب الزمان في عقبى الحدثان» مجلّد.

وكتاب «الذيل والسيل». وكتاب «الفتح القسّي في ذكر الفتح القدسيّ». وكتاب «البرق الشاميّ»، تاريخ في سبع مجلّدات. وكتاب أخبار ملوك السلجوقيّة. وكتاب العقبى والعتبى.

وله ديوان دو بيت، ومكاتبات القاضي الفاضل إليه في جزء، وكان يكتب بالعربيّة والفارسيّة.

وكان محلّ الثقة من الفاضل آمنا من توتّبه عليه، ولهذا كان يطمئنّ إليه إذا غاب مع السلطان. وكان رحمه الله شديد الحرص على تحصيل الدنيا، وكان الفاضل يلومه ويعتبه ويعذله ويؤنّبه على ذلك، فلا يرعوي. فبعث مرّة يشكو إليه ضرورة، فكتب إليه الفاضل: يا سيّد أخيه، لا تسمع الدهر هذه الشكوى فيستعذ بها فيستمرّ على العدوى.

وفي الحديث: «اتّقوا الله واجملوا في الطلب، ولا يدرى كيف يكون المنقلب». فبالله إلّا ما سمعت بهذا الأدب؟

وله في هذا حكايات: منها أنّ رجلا من أهل حمص جاءه بطبق كيزان وتفصيلة كتّان، قيمة ذلك كلّه نحو خمسين درهما. وسأل حاجة، فأخذ


(١) جيرون بالجيم في الوفيات، وخيرون بالخاء المعجمة في الوافي وفي أعلام النبلاء ٢٠/ ٩٤ (٥٥).
(٢) محمود بن زنكي مات سنة ٥٦٩، والزيادة استئناسا بالوفيات والوافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>