للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعرف النحو والغريب.

وسمع من أبي إسحاق يعقوب المنجنيقيّ، وأبي عبد الرحمن النسائيّ، وأبي جعفر الطحاويّ.

وتفقّه بالشافعي، وجالس أبا هاشم المقدسيّ، وأبا بكر محمد بن أحمد الحدّاد وتتلمذ له.

وكان يتظاهر بمذهب الاعتزال ويتكلّم على ألفاظ الصالحين.

وقال الشعر.

روى عنه أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق.

وكان صاحب نوادر مستطابة.

توفّي في صفر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة عن أربع وسبعين سنة قبل دخول القائد جوهر بستّة أشهر، فتأسّف عليه لما ذكر له من أخباره، وقال:

لو أدركته لأهديته إلى الإمام المعزّ لدين الله.

وحكي أنّه كان في سوق الورّاقين في جمع كبير، فيهم أبو عمران موسى بن رباح الفارسيّ أحد شيوخ [١٥٨ أ] (١) المعتزلة، فصاح سيبويه يقول: الدار دار كفر! بحسبك أنّه ما بقي في هذه البلدة العظيمة أحد يقول: القرآن مخلوق، إلّا أنا وهذا الشيخ أبو عمران أبقاه الله!

فقام أبو عمران يعدو حافيا خوفا على نفسه حتى لحقه رجل بنعله.

وبلغ أبا جعفر الطحاويّ انقطاع سيبويه إلى أبي علي الواسطيّ بسبب الكلام فعابه على ذلك ووبّخه، فلمّا انصرف كتب إليه بهذه الأبيات [البسيط]:

غاض الوفاء وساءت عشرة الناس ... واستحكم اليأس من مرضيّ جلّاس

إلّا صبابة أقوام كأنّهم ... مثل الجواهر في أحجار أرماس

فما سبيل من الدنيا تهمّ به ... إلّا وأرجاؤه مخشية البأس

أمّا سبيل اطّراح العلم فهو على ... ذي اللبّ أعظم من ضرب على الرأس

٥ فإن سلكت طريق العلم تطلبه ... بالبحث أبت بتكفير من الناس

وإن طلبت بلا بحث ولا نظر ... لم تضح منه على إتقان آساس

وإن زهدت بلا علم ضللت ولم ... تعرف رشادك من غيّ وإركاس

وإن قصدت إلى الدنيا لتؤثرها ... أضعت دينك في نفي وإبساس

وإن بقيت بلا علم ولا أدب ... ولا تقى كنت من أشباه نسناس (٢)

١٠ فاسبر لنفسك إذ حال الأمور كذا ... سبر امرئ عالم بالأمر قيّاس

واختر لنفسك ما زانت فضائله ... على نواقصه تختر بقسطاس

واقصد إلى العلم لا تطلب به بدلا ... فالعلم من أجله كوّنت في الناس

وانبذ مقالة من ينهاك عن نظر ... نبذ الطبيب لداء القرحة الآسي

فمن يكن ذاهلا في علمه تبعا ... قالوا يكن منه في شكّ وإلباس

١٥ والكتب أحسن ممّن تلك حالته ... حتى تواصل أجناسا بأجناس


(١) قفزت الترجمة إلى لوحة ١٥٨ أ، وخلّفت التراجم ٣٤٠٩ إلى ٣٤١٣.
(٢) النسناس ضرب من القرود.

<<  <  ج: ص:  >  >>