للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولست تراه واضعا لسلاحه ... مدى الدهر موتورا ولا هو واتر

(قال): فأنشدنا سعيد بن سلم الأبيات، فاستحسنها وقال: هكذا والله أشتهي أن يكون الفتى متنطّقا.

فضحكنا، فقال: لكما والله قصّة؟

فأخبرناه.

ومن شعره [الخفيف]:

إنّ شيبا صلاحه بالخضاب ... لعذاب موكّل بعذاب

ولعمر الإله لولا هوى البي ... ض بأن تشمئزّ نفس الكعاب

لأرحت الخدّين من وضر الخط ... ر وسلّمت لانقضاء الشباب (١)

وقال: ما استعرت من الشعراء إلّا بيتين وقد غلبت عليهما حتّى ليس ينسب معناهما إلّا إليّ.

قال منصور النمريّ [الخفيف]:

أرى ظبيا تحيّر الحسن في ال ... خدّين وجال في الأركان (٢)

عرضت دونه الحجال فما يل ... قاك إلّا في النوم أو في الأماني

فقلت [م. الرمل]:

يا بعيد الدار موصو ... لا بقلبي ولساني

ربّما باعدك الده

ر فأدنتك الأماني

(وقال): كنت أجالس العبّاس بن الأحنف كثيرا فأقول له: أنت بقيّة الشعراء، فإذا متّ، فقد ذهب الشعر!

فقال لي: تقول لي ذلك وأنت الذي تقول: يا بعيد الدّار ... البيتين، والله لوددت أنّي سبقتك لهذا المعنى وأنّي لم أقل شعرا.

قلت: جعلني الله فداك، وأين نحن منك؟ إنّما نحن تلاميذك.

فقال: والله، لما وهبت لي من الشعر أكثر ممّا قلت.

(قال: كنت حين بدأت أقول الشعر، وأنا محتشم من ذلك، فإذا سئلت عنه قلت: هذا للعبّاس بن الأحنف.

(قال): قلت: وكيف أهب لك، جعلني الله فداك؟

قال: لست أعدم أن أدخل المجلس فأسمع جماعة ينشدون شعرا، فأقول: لمن هذا؟

فيقال: لك يا أبا الفضل.

فأقول: ومن أنشدكم؟

فيقال لي: محمد بن أبي محمد اليزيديّ.

فأقول: ذلك فتى حدث، يحفظ وأنسى.

وقال: استحسن الناس هذا المعنى لي، وأنا أخذته من شعر منصور النمريّ. واستحسنوا لي معنى آخر أخذته من شعر أبي، فغلبت عليهما حتى سقط ما قالا واستحسن الناس ما قلت. قال النمريّ:

أرى ظبيا تحيّر الحسن في ال ... عينين منه وجال في الأركان

ضربت دونه الحجال فما يل


(١) الخطر بالكسر: نبات يختضب به.
(٢) البيتان في الأغاني ٢٠/ ٢٠٧ منسوبان إلى مسلم بن الوليد، وهما في ديوانه نشر سامي الدهّان ص ٣٤٢ رقم ٩٢ مع اختلاف في البيت الأوّل يصحّح الوزن:
ذاك ظبي تحيّر الحسن في الأر ... كان منه وهلّ كلّ مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>