للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: إنّ كتابا جاء فيه أنّ أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك: لو سلم أحد من الناس سلمت أنت. ههنا رجل قد رفع عليك أنّ علويّا توجّه إليك من قبل خراسان وأنك قد بعثت برجل من أصحابك يتلقّاه، وهو محبوس، فإن شئت ضربته وإن شئت بعثت به إليك. قال: فقلت: ما أعرف ممّا قال شيئا، وأرى أن تطلقوه ولا تعرضوا له، فقلت لأبي عبد الله: سفك الله دمه قد أشاط بدمائكم! فقال: ما أراد إلّا استئصالنا، ولكن قلت: لعلّ له والدةأو أخوات أو بنات، أرى أن يخلّوا سبيله ولا يعرضوا له.

ثمّ ورد كتاب عليّ بن الجهم إلى أبي عبد الله مضمونه أنّ أمير المؤمنين قد صحّ عنده براءتك ممّا قذفت به، وقد كان أهل البدع مدّوا أعينهم، فالحمد لله الذي لم يشمتهم بك. وقد وجّه إليك أمير المؤمنين يعقوب المعروف بقوصرة ومعه جائزة ويأمرك بالخروج. فالله الله أن تستعفي أو تردّ المال فيتّسع القول لمن يبغضك! .

فلمّا كان الغد ورد يعقوب فقال: أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: قد صحّ عندنا براءة ساحتك، وقد أحببت أن آنس بقربك وأن أتبرّك بدعائك، وقد وجّهت إليك نفقة معونة على سفرك- وأخرج بدرة (١) فيها صرّة نحو من مائتي دينار والباقي دراهم صحاح- فلم ينظر إليها وانصرف.

(قال صالح) فجئت بإجّانة خضراء فكببتها على البدرة. فلمّا كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا فصيّره عندك! فأخذته. فلمّا كان السحر إذا أبي ينادي: يا صالح! فقمت فصعدت إليه فقال:

ما نمت ليلتي هذه. فقلت: لم يا أبة؟ فجعل يبكي ويقول: سلمت من هؤلاء حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم! وقد عزمت على أن أفرّق هذا

الشيء. فلمّا أصبح قال: جئني بالميزان ثمّ قال:

وجّهوا إلى أبناء المهاجرين كذا، وإلى أبناء الأنصار كذا، وإلى فلان كذا، وإلى فلان كذا، ولم يزل كذلك حتى فرّقها كلّها ونفضت الكيس، ونحن في حالة من الاحتياج الله بها عليم.

فكتب صاحب البريد أنّ أبا عبد الله تصدّق بالدراهم كلّها حتى الكيس. فلمّا بلغ الخليفة ذلك قال له علي بن الجهم: يا أمير المؤمنين، قد علم الناس أن أبا عبد الله قبل منك، وما يصنع أحمد بالمال، وقوته رغيف؟ فقال: صدقت يا عليّ.

قال صالح: ثمّ سرنا إلى العسكر، فلمّا وصلنا إلى الحنّاطين قال يعقوب: قفوا ههنا! ثمّ وجّه إلى الخليفة يعلمه بقدومنا. (قال صالح) فجاء عليّ بن الجهم وقال لي: قد أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان التي فرّقها أبوك، وأمر أن لا تعلمه بذلك.

ثمّ جاء أحمد بن معاوية فقال: إنّ أمير المؤمنين يكثر ذكرك ويشتهي قربك وتقيم هنا تحدّث الناس، فقال: أنا ضعيف.

ثمّ أرسل الخليفة إلى أبي عبد الله يسأله: ما تقول في بهيمتين انتطحتا فعقرت إحداهما الأخرى فسقطت فذبحت؟ .

فأجاب: إن كانت قد طرفت بعينها ومصعت بذنبها وسال دمها تؤكل.

ثمّ جاء إليه يحيى بن خاقان فقال: قد أمرني أمير المؤمنين أن أقطع لك سوادا وطيلسانا وقلنسوة ونصيّرك في أعلى المراتب، ويصيّر ولده أبا عبد الله في حجرك.

ثمّ أركب أبو عبد الله إلى دار ولد الخليفة، ثمّ جاء إليه يحيى فقال له: إنّ أمير المؤمنين جاء بك ليتبرّك بك ويصيّر ابنه في حجرك. (قال


(١) إشارة في الهامش: عشرة آلاف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>