للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من غير هذا البلد؟ قالا: نعم، نحن من جبل اللكّام حضرنا جنازة أحمد بن حنبل، وما بقي أحد من الأولياء إلّا حضرها.

وقال عبد الوهّاب الورّاق: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنّة والطعن على أهل البدع.

قال جعفر بن محمد النسوي: شهدت الناس في جنازة أحمد بن حنبل يلعنون بشرا المريسيّ والكرابيسيّ بأصوات عالية.

وأقام الناس أيّاما يزدحمون على القبر حتى قال أبو الحسن التميميّ: مكثت أيّاما رجاء أن أصل إلى القبر فلم أصل إليه إلّا بعد أسبوع.

وقال الدركانيّ جار أبي عبد الله: وقع المأتم يوم موت أبي عبد الله عند أربعة أصناف من الناس: المسلمين، واليهود، والنصارى، والمجوس. وأسلم في ذلك اليوم عشرون ألفا.

وتأثّرت الجنّ عند موته حتى قال أبو زرعة: كان يقال عندنا بخراسان إنّ الجنّ نعت أحمد بن حنبل قبل موته بأربعين صباحا. وقال أحمد بن محمود:

كنت في البحر مقبلا من ناحية السند، فقمت في الليل فإذا هاتف من ناحية البحر يقول: مات العبد الصالح أحمد بن حنبل! فقلت لبعض من كان معنا: من هذا؟ فقال: هذا من صالحي الجنّ، فكان موت أبي عبد الله في تلك الليلة.

ورئيت له منامات عظيمة، منها، وهو أعظمها:

رؤيا الإمام الشافعيّ رضي الله عنه للنبيّ صلّى الله عليه وسلم وإخباره له بالمحنة قبل وقوعها كما قدّمته (١).

ومنها ما ذكره الشريف الواسطي في كتابه «مجمع الأحباب» (مختصر الحلية): قال يحيى بن الجلاء وكان من أفاضل الناس قال:

رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم واقفا في سفينة الكرخ، وأحمد بن حنبل جالس عن يمينه وابن أبي دواد عن يساره، فالتفت النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأشار إلى ابن أبي دواد وقال:

فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ [الأنعام: ٨٩].

وقال عبد الله بن الورد: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم في منامي فقلت: يا رسول الله، ما شأن أحمد بن حنبل؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: سيأتيك موسى فاسأله. فإذا أنا بموسى عليه السلام فقلت: يا نبيّ الله، ما بال أحمد بن حنبل؟ فقال: أحمد بن حنبل بلي في السرّاء والضرّاء فوجد صادقا فألحق بالصدّيقين.

ومنها ما حكاه أبو عبد الله الزبيريّ قال: جاءني رجل من أهل الصلاح يقال له أبو محمد القرشيّ فقال: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم في النوم وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم إذ جاءه أربعة نفر فقرّبهم، فتعجّبت من تقريبه لهم فسألت بعض من بحضرته عنهم فقال لي: هذا مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والشافعيّ. فرأيت كأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم أخذ بيد مالك فأجلسه بجنب أبي بكر الصّدّيق وأخذ بيد أحمد فأجلسه بجنب عمر، وأخذ بيد إسحاق فأجلسه بجنب عثمان، وأخذ بيد الشافعيّ فأجلسه بجنب عليّ. قال أبو عبد الله الزبيري فسألت بعض العلماء بالتعبير عن ذلك فقال: كأنّ منزلة مالك في العلماء كمنزلة أبي بكر في الصحابة، ومنزلة أحمد في العلماء كمنزلة عمر في صلابته فإنّه لم يتكلّم في القرآن إلّا بحقّ وصلابة، ومنزلة إسحاق في العلماء كمنزلة عثمان في الصحابة [٩ أ]: لقي عثمان رضي الله عنه الفتن والمحن، كذلك لقي إسحاق في بلده من أهل الإرجاء ما فارق به بلده (٢). ومنزلة الشافعيّ في


(١) انظر ص ٤٨٢ ب هـ ١ أعلاه.
(٢) إسحاق بن راهوية (ت ٢٣٨): الوافي ٨/ ٣٨٦ (٣٨٢٥).
وأعلام النبلاء ١١/ ٣٥٨ (٧٩) ولم نجد في مصادرنا حديثا-

<<  <  ج: ص:  >  >>