للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثيرا. وترجّل منهم جماعة عن خيولهم ورموا بالنّشّاب، فنصر الله العسكر عليهم وهزمهم وقتلهم عن آخرهم فيما بين الظهر إلى العصر في يوم الحادي عشر من شعبان سنة اثنتين وسبعمائة، وكانوا نحو أربعة آلاف. واستنقذ أسندمر من كان في أيديهم من حريم التركمان وأولادهم ورحالهم، وعدّتهم تقارب الستّة آلاف نفس، فنجوا بأنفسهم. ولم يفقد من العسكر إلّا أميرين هما آنص الجمدار المنصوريّ ومحمّد بن باشقرد الناصريّ، وستّة وخمسين من الأجناد. وأسر من التتر مائة وثمانون رجلا. وعاد العسكر إلى حماة، وكتب بالبشارة إلى دمشق، فدقّت الكوسات بها، وسرّح البريد إلى مصر لبشارة السلطان الملك الناصر محمّد بن قلاوون، وكان قد خرج من قلعة الجبل فسرّ بذلك، وتفاءل بالنصر فصدق الفأل كما ذكر في ترجمته (١).

ولم يزل [أسندمر] بطرابلس إلى أن ترك الملك الناصر محمّد بن قلاوون الملك وقام في السلطنة [١٧٦ ب] عوضه المظفّر بيبرس الجاشنكير.

فلمّا تحرّك الناصر على أخد الملك من بيبرس، وسار من الكرك إلى دمشق، قدم عليه [أسندمر] وسار معه إلى مصر. فولّاه نيابة حماة عوضا عن قبجق في ثاني شوّال سنة تسع وسبعمائة. وبعث قراسنقر نائب الشام، والحاجّ بهادر الحلبيّ نائب طرابلس ليقبضا على المظفّر بيبرس، وقد توجّه من إخميم على طريق السويس يريد صهيون. فلمّا قبضا عليه من ظاهر غزّة وحملاه إلى الخطّارة لقيهما أسندمر كرجي، وقد بعثه السلطان ليقيّد بيبرس ويسير به مع قراسنقر وبهادر حتّى يوصلاه إلى السلطان. فقيّد بيبرس. وأسرّ إلى قراسنقر أن لا يدخل مصر، وخوّفه من السلطان. فعاد هو

وبهادر من الخطّارة إلى دمشق، وسار أسندمر ببيبرس إلى مصر. فكان من قتله ما ذكر في ترجمته (٢).

ودخل أسندمر الخوف، وأخذ يعمل في سفره من مصر، حتّى أذن له السلطان فسار إلى حماة.

ثمّ صرف عنها بالملك المؤيّد عماد الدين إسماعيل ابن الأفضل فلم يمكّنه من حماه.

فاتّفق موت قبجق نائب حلب. فسار أسندمر إليها، وكتب يسأل السلطان كتابة تقليده. فغضب من ذلك وبعث التقليد، وفي نفسه منه حزازات، إلى أن أخرج الأمير كراي [٢٠٢ أ] المنصوريّ، ومعه من الأمراء سنقر [الكماليّ] الحاجب، وأيبك الرومي، وبينجار، وكجكن، وبهادر آص، في عسكر لحصار سيس (٣). وكتب إلى المؤيّد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة بالمسير مع كراي. وكتب إلى أسندمر بتجهيز آلات الحصار على العادة والاهتمام بأمر سيس. وأسرّ السلطان إلى كراي عند ما وادعه بالقبض على أسندمر.

فسار بالعسكر من القاهرة في مستهلّ ذي القعدة سنة عشر وسبعمائة إلى حمص. فوافاهم الأمير منكوتمر الطباخيّ من مصر يوم عرفة، وعلى يديه كتاب السلطان لكراي بما يعتمده، وعدّة كتب ملطّفة لأمراء حلب بمساعدة كراي على أخذ أسندمر. وتقدّم منكوتمر (٤) إلى حلب، وتبعه


(١) ترجمة الناصر محمّد بن قلاوون: ٧/ (٣٢٦٥).
(٢) المظفر بيبرس الجاشنكير: ترجمته تأتي، رقم ١٠٠٤.
(٣) سيس: عاصمة مملكة أرمينية الصغيرة النصرانيّة فتحها أشقتمر نائب حلب في ذي القعدة ٧٧٦، وتدعى اليوم في تركيا Kozan على سبعين ميلا شماليّ وشرقيّ أدنة (وانظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٤٥٠).
(٤) في المخطوط: كراي. وانظر النجوم ٩/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>