للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعروف بالأفرم.

كان جركسيّ الجنس، من قدماء مماليك الملك المنصور قلاوون، وأحد أكابر البرجيّة السلاحداريّة. وكان في البرج مغرى بالصراع واللكام والعلاج والثّقاف (١) ورمي النشّاب، إلى أن أنعم عليه بالإمرة في [ ... ] فلم يترك ذلك.

وتحدّث مع بعض الخاصّكية في الخروج إلى الشام، فقال الملك المنصور: آقوش الأفرم يريد الشام؟ لا بدّ له من نيابة دمشق، إلّا ما هو في أيامي!

ثم أخرج إلى الشام في [ ... ] وأقام بها مدة طويلة في لهو، إلى أن كانت سلطنة كتبغا ونيابة لاجين، [ف] اشتدّ عضده؛ فإنّه كان ابن خالة لاجين. فلمّا تسلطن لاجين أحضره من دمشق، وجعله حاجبا، وسكن قلعة الجبل.

واتّفق أنّه لمّا قتل لاجين [٢١٠ ب] كان بائتا بالقاهرة في دار الشريف ابن تغلب، ومعه الأمير شرف الدين حسين بن جندر بك [الروميّ]، وإذا الباب يطرق وقائل يقول: خلّوا الأمير يكلّم السلطان! - وتتابع الاستحثاث في الطلب. فهمّ الأفرم بفتح الباب فمنعه أمير حسين. وأحسّ بالشرّ، فأرخى أحد مماليكه من السطوح ليكشف الخبر فعاد بأنّ السلطان قتل. فخرجا على حميّة وصارا إلى جهة قليوب في مماليكهما وأتباعهما، وتردّدا في طريق بلبيس إلى أن أتقنا أمرهما مع الأمراء. وأقبلا، فإذا بالأمير بكتاش أمير سلاح قد قدم من التجريدة، فانضمّ إليه. وبقي أحد الأمراء السبعة الذين دبّروا الأمر حتى قدم الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك وتسلطن، فبعثه إلى دمشق ليحفظها.

فسار في سادس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستّمائة، فقدمها على [البريد] وقد سعى في نيابتها حتى كتب تقليده وجهّز إليه في ثاني عشرينه، ولبس من الغد تشريف النيابة، وقبّل عتبة القلعة ودخل دار السعادة وجلس على السماط، والأمراء والعساكر بين يديه. وأخرج الأمير سيف الدين قطلوبك [الفخريّ] إلى مصر.

وفي نصف جمادى الآخرة ألبس الأمراء وأهل الدولة الخلع.

وقدم طلبه من القاهرة، فلم يزل بدمشق إلى أن قدم غازان ملك التتار وكسر العساكر الإسلاميّة على حمص. [ف] قدم معها إلى القاهرة في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين [وستّمائة].

ثم عاد مع العساكر فقدم دمشق يوم السبت عاشر شعبان منها. وتوجّه منها في العشرين من شوّال لحرب الدرزيّة (٢) سكّان جبال كسروان، وقد اشتدّ ضرر الناس بهم، ونزل بالعسكر عند هزيمتهم إلى مصر منهم شدائد. فوافاه عساكر صفد وحماة وحمص وطرابلس مع نوّابها. فامتنع الدرزيّة بجبلهم، وهو صعب المرتقى، وأقاموا به اثني عشر ألف رام فأنكوا العساكر، وكثرت جراحاتهم وهم ثابتون لقتالهم مدّة ستّة أيام حتى انهزم الدرزيّة، وصعد العسكر الجبل بعد ما قتل منهم خلائق إلى أن لاذوا بطلب الأمان. فاستدعى الأفرم أكابرهم وألزمهم بإحضار جميع ما أخذ من العسكر وقت الهزيمة إلى مصر، فأخذ منهم شيئا كثيرا وفرض عليهم مائتي ألف درهم، وقبض على جماعة منهم، وعاد بهم إلى دمشق يوم الأحد ثالث ذي القعدة، وألزم أهل دمشق بتعليق السلاح في الحوانيت وملازمة الرمي بالنشّاب، وتقدّم


(١) الثقاف: ألعاب الخفّة. والعلاج: المبارزة بالسيف (دوزي).
(٢) وقعة جبل الدروز: السلوك ١/ ٩٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>